السَّائل (سعيد الزهراني): ما أصل كلمة (متحف) وكيف تنطق، وهل معناها المشهور اليوم كان معروفًا منذ القدم؟ الفتوى 64 : هذه اللفظة أهملها بل أهمل مادّتها ابن فارس في كتابه (المقاييس) وذكرها في كتابه (مجمل اللغة)، وقال: (التُّحَفُ: البِرّ واللّطف)، ونقل عن الخليل (وهو من زهران يا أخانا سعيد): أنّ تاءه مبدلة من الواو، وحقّها حينئذ أن تكون في مادة (وَحَف). ومعناها أيضًا كما ذكر الزّبيدي: الطُّرفة من الفاكهة وغيرها من الرَّياحين .. هذا هو أصل معناها، و به يتضح أنها لا تطلق على ما له شأن وبقاء، وإنما هو شيء يسرُّ به من أُتحف به في وقتها . ثم تُوسّع في معناها على ما هو معروف اليوم، وهو مكان يشتمل على قطع من الآثار، وبقايا مما ترك الأولون، أو إبداعات وفنون تعرض لتبقى وتكون مقصدا للسائحين، وهي من المباحات أو المندوبات التي هي من نوع النظر في الملكوت وما خلق الله من شيء، فإن وضعت لقصد ديني أو قصدت لغرض تعبُّديّ أو كانت ذريعة إلى ذلك مُنِعت .. وأما صيغة نُطقها فعلى زنة "مَفعل" كمصنَع ومَرْقد، واختلف المعاصرون، في هذه النازلة اللّغوية، فمنهم من يقول بالفتح، ومنهم من يمنعه؛ لأنه لم يرد في اللّغة (تَحف) الثلاثي، والوارد (أتحف) الرّباعي، واسم المفعول منه (مُتحف) والذي يمنعه يقول : لا أخالف في أن (أتحف) قد ورد في اللّغة ولكن (أتحف) بمعنى أعطى، فلو كان كلُّ من زاره يُعطى تحفة منه لم يبق فيه شيء .. ومن اللّغويين من منعهما، وهو مصطفى جواد، وقال : الصواب أن يقال : (مَتْحَفة) كمأسدة لمكان السلاح، ومَسْبَعة لمكان السّباع . ومنهم من أجاز الصيغتين، كمجمع اللّغة القاهري في دورته الرابعة والثلاثين عام 1387ه .. والذي أختاره فيما يخشى عليه من ذريعة التعلق والبدع أن يعدل عنه إلى التسمية ب (المعرِض الدَّائم) ونحو ذلك، لأن لإيحاءات الأسماء المصطلح عليها أثرًا بحسب دلالاتها العرفية، وأما الصيغة : فالفتح هو الأقرب في اللّغة والدلالة والنطق .