يمكن اعتبار المقولة العامة بأن أي عمل سياسي فلسطيني يسبب الإزعاج لقادة إسرائيل هو بالمجمل عمل ناجح ومفيد للقضية الفلسطينية، وهو ما يعني أن الهجوم الوقح غير المسبوق الذي تعرض إليه رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية عقب إلقائه خطابه من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرًا من قبل وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان يعتبر شهادة بأن الرئيس عباس كان موفقًا في ذلك الخطاب الذي طالب فيه بأن تكتسب فلسطين صفة دولة غير عضو في الأممالمتحدة بدلاً من صفتها الحالية كمراقب. ذلك أن هذا الطلب إذا ما تحقق في نهاية هذا العام فإنه سيعتبر خطوة هامة على صعيد مسيرة النضال السياسي الفلسطيني في مرحلتها الراهنة بعد أن شهدت تراجعًا ملحوظًا في ظل توقف المفاوضات التي اعترف الفلسطينيون بفشلها وبعد فشل أوسلو باعتراف قيادة السلطة نفسها، حيث إن المؤمل أن يصوت 150 دولة على مشروع القرار الذي سيجري التشاور حول صيغته مع المجموعة العربية والدول الشقيقة، وهو ما يعني أن بإمكان هكذا دولة الانضمام إلى المنظمات والهيئات الدولية العديدة المنبثقة عن الأممالمتحدة والمطالبة بالحقوق الفلسطينية المشروعة، وبتطبيق القرارات الدولية المعنية بما في ذلك القرارات 181 و194 و242 و383. يمكن القول في هذا السياق أيضًا إن خطاب أبومازن الذي استغرق 30 دقيقة كان مهمًا، لكن كان المؤمل أن يكون مكملاً لخطابه في العام الماضي، خاصة فيما يتعلق بالبدائل والخيارات الأخرى، وإلى وضع العالم أمام مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية إزاء استمرار إسرائيل في انتهاكاتها للحقوق الفلسطينية وفي تجاهلها للقوانين والقرارات الدولية، والضغوط التي تمارسها واشنطن على دول أوروبا والعديد من دول العالم لدفعها إلى عدم التصويت إلى جانب قيام دولة فلسطينية غير عضو في الأممالمتحدة والتحذير من مغبة كيل واشنطن بمكيالين في التعامل مع قضايا المنطقة. خطاب أبومازن محاولة لكسر دائرة الجمود الذي تمر به القضية الآن والناتج أساسًا عن الدعم الأمريكي غير المشروط للانتهاكات الإسرائيلية وعن تكريس الانقسام الفلسطيني الذي اتخذ شكل الديمومة.