وأنا أقرأ رسالة على الإيميل من امرأة تعمل مراسلة في إحدى مدارس تعليم البنات، انتابتني مشاعر إحباط، ربما لم تعرف طريقها إلى قلب هذه المرأة التي تمتلك الطموح، والقدرة على الحفر في الصخر، لتقدم حياة أفضل لأسرتها الكبيرة، وزوجها الذي يعمل مراسلًا، أو حارسًا في مدرسة بنات. قضية عدم مطابقة الوظيفة، أو مُسمَّى الوظيفة والراتب للمؤهل، والقدرات موجودة، يعاني من تداعياتها الكثيرون، والكثيرات، ومسبباتها كثيرة، إلاَّ أن يكون السبب الوحيد هو مُسمَّى وظيفة الزوج مثلًا، كما في قصة صاحبة الرسالة. ربما لذلك انتابتني تلك المشاعر المحبطة، بعد كل هذا الذي تُقدّمه الدولة للمواطن، يأتي سلوك غير مسؤول من موظف، أو من مسؤول، يُعرقل مسيرة نجاح، ويتسبب في تعثّر عائلة كبيرة كان يمكن أن يكون لأفرادها مستقبل مشرق وحياة أفضل! هذه المرأة (زوجة الحارس أو المراسل) حصلت على الثانوية العامة، والرخصة الدولية في الحاسب الآلي وهي تدرس في الجامعة الآن، ومع ذلك يرى بعض مسؤولي تعليم جدة أنه لا يمكنها الترقي إلى وظيفة تُناسب مؤهلاتها لأنها زوجة مراسل أو حارس. لا بد من قصقصة أجنحة طموح هذه المرأة التي تريد العمل في وظيفة تليق بإمكانياتها ومهاراتها التي اكتسبتها عن طريق الدراسة والممارسة العملية من خلف الكواليس كما تقول: (أنا أم لثمانية أطفال كان زوجي يعمل حارس أمن في القطاع الخاص كان يخرج من الساعة السابعة صباحًا حتى الثانية عشر بعد منتصف الليل لكي يوفر لنا لقمة العيش ومستلزمات الحياة، ورغم الظروف المادية الصعبة التي عشناها قام زوجي باستدانة مبلغ من المال لكي أتعلم وأستطيع أن أحصل على عمل وأساعده في هذا الحمل الثقيل، وفعلا حصلت على عدة دورات (ICDL) الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي، سكرتارية، أعمال مكتبية، معارف). وبعد تفكير في أطفالي وزوجي قررت أن أعمل وأساعد زوجي رغم أن عمري حين ذاك 32 سنة. وفعلًا ذهبنا وتقدمنا بطلب التوظيف وجاء يوم المقابلة الشخصية وعند المقابلة قدمت شهادتي الثانوية والدورات الحاصلة عليها فقالت لى الموظفة نحن هنا في عمل (المستخدمين والمستخدمات) لا نعترف بالشهادات، أنت في هذا العمل سوف تقومين بغسل الحمامات فلا داعي للشهادة. وعندما رأيت أن المدرسة بحاجة إلى مراقبة قمت بطلب لمديرتي أن أعمل هذا العمل وفعلًا رحبت بالفكرة وعملت لمدة شهرين تقريبًا، ولكن من وراء الكواليس ولأني أجيد استخدام الحاسب الآلي وحاصلة على الرخصة الدولية قمت بعرض خدماتي بالمساعدة في إدخال بيانات الطالبات، ومنذ ذلك الحين وأنا أقوم بعمل إدخال البيانات ومتابعة إقامات وملفات الطالبات. جاء الأمر الملكي في التعميم رقم 32928448/4/1 بتاريخ 9/5/1432 بشأن تثبيت المعينين على لائحتي المستخدمين وبند الأجور ممن يحملون مؤهلات علمية ويزاولون أعمالًا لا تتفق مع مؤهلاتهم كان بمثابة طوق النجاة فرحت فرحًا شديدًا وقامت مديرتي بتزكيتي وذهب زوجي بالمعاملة إلى إدارة التربية والتعليم بجدة، وكل أحلامي مع تلك المعاملة، ولكن رفض الموظف تسلمها بحجة أني زوجة الحارس ولا يحق لي هذا. حاول زوجي وحاول، وأخيرًا أخذ الموظف المعاملة بعد مراجعات دامت سنة وأكثر من معاملة ذهبت، وأكثر من برقية وإيميل أرسلت ومع آخر معاملة جاءني اتصال من موظف في إدارة التربية والتعليم في 25/8/1433 يطلب مني تسلم المعاملة لأنها رفضت من الوزارة في الرياض لنفس السبب (زوجة حارس) وأشار علينا بالسفر إلى الرياض. في نفس تلك الليلة سافرت للرياض وعندما دخل زوجي للموظف المختص قال: لماذا لم تُرفع من قبل إدارتك؟ قال لهم زوجي: لقد قالوا لنا انها زوجة حارس ولا يحق الوظيفة! قال الموظف المختص لا يوجد أي تعميم ولم يصدر من الوزارة أي شيء من هذا القبيل، ولكن لا أستطيع أن أتسلم منك المعاملة لا بد أن تُرفع من قبل إدارتك! ضاع حقي بين الوزارة في الرياض والتعليم في جدة، حتى حقي في المرتبة المستحقة أنا وزوجي هُضم، فما زلت على المرتبة (31) وزوجي على (أ) رغم أننا نحمل الشهادة الثانوية). ما سبق مختصر الرسالة التي تتضمن أساليب التعامل وعدم وضوح الأنظمة، وضياع الحقوق بحجة النظام، وكله بالنظام! صحيح لماذا؟! أفيدونا يا تعليم أفادكم الله! [email protected]