بينما ظهر الأزهر كشريك وقاسم مشترك في الحراك السياسي المصري حاليًا، حيث يؤمه كل ألوان الطيف السياسي، يجزم الكثيرون في مصر أن الأزهر يبذل جهودًا مكثفة من أجل استعادة دور افتقده على مدى عقود، ولكن إلى أين تصل محاولات الأزهر لاستعادة دوره مع تشبثه برفض أن يكون المرجعية حتى لا يعاد استغلاله في اللعبة السياسية؟ يقول الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إنه من أول المؤيدين لاستقلال الأزهر وتطويره، بحيث يستعيد حيويته وشبابه لدرجة أنه -الطيب- طالب كثيرًا بألا يظل شيخ الأزهر في مقعده مدى الحياة، وبأن يخرج على المعاش فور وصوله سن السبعين، وهو ما عارضه أعضاء هيئة كبار العلماء. وبعد شد وجذب قرر الجميع أن يكون سن المعاش لشيخ الأزهر هو ثمانون عامًا، يترك بعدها شيخ الأزهر مقعد الإمامة، ولكنه يعود من جديد لشغل مقعده في هيئة كبار العلماء التي من المقرر أن يتم الإتفاق عليها فور الموافقة على مشروع تطوير الأزهر. ويضيف الطيب: لابد أيضًا ونحن نناقش دور الأزهر أن نؤكد على أن الأزهر وعلماءه لا يمارسون السياسة؛ لأن عالِم الدين لو انخرط في العمل السياسي فلابد أن يخلع عباءة العالِم، ويرتدي زي السياسي، فلا يجوز أن يظل عالِم الدِّين مرتديًا عباءته الدينية، وفي نفس الوقت يمارس العمل السياسي؛ لأنه بذلك يخدع الناس الذين سيتأثرون بزيه الديني، ويستقبلون كلامه في شؤون السياسة على أنها فتاوى دينية ممّا يجعل الأمور تختلط على الناس. ويعترف الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر لشؤون الحوار وأستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة السوربون بباريس أن الأزهر عانى كمؤسسة طوال عقود النظام السابق من تراجع دوره التاريخي، ولهذا فقد استغل الأزهر قيام الثورة كي يحاول استعادة دوره وهو يبذل جهودًا مكثفة في هذا الاتجاه. وبرز دوره كمؤسسة وطنية جامعة تطلق المبادرات، وتوحد الجهود، وتحل الخلافات من أجل استقرار الوطن. ويقول الدكتور عبدالرحمن البر عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين والأستاذ بجامعة الأزهر: كان للأزهر على مر سنوات طويلة استقلاليته التي تسمح له بقول الحق، والوقوف في مواجهة ظلم الحكام وعدم مهادنتهم. إلاّ أن هذا الدور للأسف الشديد تراجع كثيرًا بعد ارتباط مؤسسة الأزهر بمؤسسة الرئاسة، فلم يكن للأزهر خلال فترة النظام البائد أيّ سلطة في تعيين علمائه ولا خبرائه، ولا أيّ من موظفيه، ولا حتى أيٍّ من قراراته. ويضيف الدكتور البر أن الازهر يبذل بالفعل جهودًا مكثفة لاستعادة دوره ولكن مازالت الأمور لم تصل لما نطمح إليه. أزهر الثورة ويقول فهمي هويدي المفكر الإسلامي والكاتب الصحفى المعروف لقد حان الوقت ليستعيد الأزهر استقلاليته كمؤسسة دينية جامعة تجمع تحت لوائها جامعة الأزهر، ومعاهد الأزهر، ودار الإفتاء، ووزارة الأوقاف بكل هيئاتها، وبذلك تعود للأزهر أوقافه، ويتم حينذاك وضع طرق نابعة من الاقتصاد الإسلامي لاستثمار تلك الأوقاف والعمل على زيادتها وتوسعتها ولابد أن تعود هيئة كبار العلماء، بحيث يتم انتخاب شيخ الأزهر من خلالها، وبهذا يعود شيخ الأزهر من جديد ليقود الثائرين مثلما كان الحال.