سبحان من جعل كل من عليها فانيًا، ويبقى وجهه ذو الجلال والإكرام، الذي خاطب نبيّه الكريم ورسوله العظيم صلى الله عليه وآله وسلم: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) وجعل الحياة الدنيا مرحلة عابرة لكل البشر لا خلود فيها لأحد: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ)، ولقد انتقل إلى رحمة الله تعالى الشيخ محمد جمال فارسي الذي كان من جيل الرواد في مكةالمكرمة ممن عاصروا الأزمان الصعبة وحفروا الصخر ليشقوا طريق النجاح ويحققوا المكانة والتقدير في مجتمعهم، وقد كان رحمه الله شخصية هادئة متصالح مع نفسه ومع من حوله، ودائمًا ما تراه محافظًا على سكينته على الرغم من الحزم الذي كان يتحلى به. وكان رحمه الله من رجال الأعمال البارزين أصحاب الرؤية المستقبلية في الأعمال التجارية التي طالما عادت عليه بالأرباح والمكاسب، ومن رجالات هذه البلاد الذين عرفوا بالمروءة والوفاء وعفة اليد واللسان، كما كان لديه - رحمه الله - توازن مكّي فريد في الجمع ما بين أمور الدنيا وأمور الدين. وقد صادفته في إحدى عطلاته الصيفية في بقعة من أجمل بقاع الأرض وقد أفاض الله عليه من جميع وسائل الراحة وبالرغم من كل ذلك فهو لا يفتأ يذكر مكة وشوقه إليها، فقد تعلق بحرمها وزمزمها وأهلها الطيبين. ولقد راقبته عن كثب وأعجبت بهذا التوازن الذي كان يمثله فقد كان رحمه الله يسارع في الخيرات لا تعلم شماله عما تنفق يمينه متحريًا الحلال في رزقه فبارك الله له في ماله وولده دمث الخلق زياد وفي صهره وابنته وأحفاده، الذين أسأل الله أن يخرج منهم الكثير الطيب وأن ينفعهم وينفع بهم. رحمك الله أيها الشيخ الجليل، وتغمدك بواسع مغفرته وأسكنك فسيح جناته، وجعل قبرك روضة من رياض الجنة ونور لك بكل عمل صالح عملته، وبكل فعل خير فعلته، وخلفك خيرًا في أهلك وولدك. (إنا لله وإنا إليه راجعون).