أثار الفيلم المسيء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- زوبعة ضخمة في العالم العربي والإسلامي. فالإساءة انتهاكٌ صارخٌ، واعتداءٌ على رمزٍ كبيرٍ من رموز المسلمين. ولكن إذا نظرنا على مر التاريخ الإسلامي فلم يَخلُ من إساءاتٍ متكررةٍ. فهل انتقصت هذه الإساءات من مكانة حبيبي وسيدي رسول الله؟! أبدًا، فمقامه أكبر من أن تمسّه أفعال البشر على مر التاريخ. ولو تأملنا هذا الفيلم المشين، لوجدناه تافهًا، وأقل من مستوى صناعة الأفلام. ولوجدنا الممثلين والملابس والحركات غبيّةً لا تصل حتى للهدف الذي يبغونه. وسيكون مصيره إلى الفناء؛ لأنه لا يصل حتى إلى المستوى الذي ينشده الغرب في الأفلام. ولن يحرص الغربي أو غيره على مشاهدته.أمَّا والحال كما كان من ردَّات الأفعال (أعمال عنف، وقتل مستأمنين، وتدمير ممتلكات)، فسيبحث الغربي عن هذا الفيلم ليراه. كأننا صنعنا دعاية ضخمة لنشره. ومع هذا فسوف يعي الغرب حجم حساسية المساس بمعتقداتنا. خصوصًا وأنهم لا يتهاونون في تجريم من يُشكِّك أو يقدح في قضية الهولوكوست. حتى أنها صارت لديهم كأنها جزء من عباداتهم. ورغم أنني أرفض وبشدّة من ردات فعل عنيفة، وقتل وتدمير، إلاّ أنني أعتقد أن هذا الحدث سيُصبح نقطة فاصلة في مسيرة احترام المعتقدات الدينية للآخر غير المعمول بها في الغرب. وسيُعاد تعريف حرية الرأي لديهم بحيث لا يتجاوز على المعتقدات. وستعرِف المجتمعات الغربية -على مستوى الأفراد والحكومات- أن اعتقادات المسلمين حول رموزهم الدينية خط أحمر، لا يجب الاقتراب منها.لكن في المقابل، لابد أن نعي ذلك نحن أيضًا فنقوم بتوعية شباب المسلمين. فلا يجب سب، ولا تسفيه أهل الأديان الأخرى. حتى وإن كان اعتقادنا بأنهم أهل ضلال وهوى. فيجب أن نترك أمرهم إلى الله. ولنتذكر قوله تعالى: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). وإلاَّ فإننا سنثير المجتمعات الأخرى بسبّنا لضلالهم وغوايتهم. وسيفعلون مثل ما فعل أقباط المهجر. محمد إبراهيم الشريف - جدة