سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الفيلم البريء وتسامح “الآخر"!! يكفيكم مواساةً أن (كلينتون) قد اشمأزت من الطيبين الذين أنتجوا الفيلم! وإن أصررتم على تأويل نيات الطيبين ففي تحضُّركم نظر.. وفي فمي ماء!
يدلف العالم اليوم عبر بوابة القرن الحادي والعشرين، وقد تزيَّا بزي الحضارة، مستفيدًا من مزايا المرحلة الحالية التي تعيشها أجزاء منه في ظل مبادئ العدل والمساواة، واحترام حقوق الحيوان، فضلًا عن الإنسان. بوابة القرن الحادي والعشرين هذه اتسعت مصاريعُها للعابرين على اختلاف مِلَلِهم وألسنتهم وألوانهم، لكنها ضاقت على الأمة الإسلامية، لا لكثرة أفرادها، ولا لتباين دياناتهم؛ وإنما لكونها لم تأخذ من العصر (زبدةَ) حضارته ممثلة في (التسامح) الذي تشرَّبته بقية الأمم. تلك هي إشكالية أمتنا المزمنة التي جعلت أفرادها يتلاومون فيما بينهم، وينهش بعضهم بعضًا في معركة جدلية لا تعترف بخط النهاية. المفهوم المباشر للتسامح في عرف باعثيه يتطلب من المتلبِّسين به، أن يُسلِّموا طواعية بكل ما يُملى عليهم، يتطلب منهم أن يصبحوا مسخًا لا معالم مميِّزة له، يتطلب منهم أن ينقَضُّوا على مسلَّماتهم؛ ليُعمِلوا فيها معاولَ الهدم والتشكيك والسخرية، يتطلب منهم ألا تكون لديهم ردة فعل على أي مظلمة تحل بهم، أو إساءة تصدر بحق معتقداتهم أو مبادئهم أو رموزهم، حتى ولو كانت ردة فعلهم (قلبية)، أما ما تعدَّى ذلك (من إزهاق الأنفس وإتلاف الممتلكات) فالإسلام يقف له بالمرصاد، وهذا ما يؤكد عليه العقلاء على المستوى الرسمي والشعبي. ومع هذا نجد أن أكثرنا نحن المسلمين كابر وأعرض، وبقي مستمسكًا برجعيته، منكبًّا على حميَّته تجاه مسلماته ورموزه، غير قابل للتماهي مع عصر التحضُّر الذي من أوجب واجباته (التسامح). واليوم تتجدد الاختبارات الفاحصة لمدى تسامحنا، فيأتي (الفيلم البريء) ليثبت أننا لا نعرف لغة التسامح! ولذا سنرى كيف انتفت هذه اللغة عنا؛ وذلك حينما تعالت (أصوات) بعضنا مستنكرة ذاك الفيلم الذي أُنتِج في ظل ديمقراطية تكفل حرية الرأي مهما خَبُثتِ المقاصد. هنا يجب أن نستحضر التاريخ ليشهد بقصة التسامح الغربي (العظيم) تجاه من عادى الساميَّة، وتجاه الدول التي ينتسب إليها (السبتمبريون)! ويشهد بقصة تسامح اليهود مع مُنكِرِي محرقة الهولوكست! فقد رأينا كيف تمثَّل الغرب -بمن فيهم اليهود- مبادئ التسامح؛ فلم يُتبِعُوا المعاداةَ والتدميرَ والإنكارَ إلا بالتسامح المقرون بالصفح!! رسالة أوجهها لغير المتسامحين في عالمنا الإسلامي، أن خذوا عن الآخر طريقةَ تلقِّيه وردَّةَ فعله تجاه إساءة بعض المسلمين لمسلَّماته ورموزه. ثم إن التسامح أيها الغاضبون ليس مفهومًا تلوكه الألسن، ويسقط في أول اختبار، إنه يستلزم التطبيق الفعلي، وإلا فستظلون تمثلون منطق الغاب. وكَوني متحضرًا، فإنني أقول (وبالفلم المليان) باسمي ونيابة عن إخوتي في التحضر على امتداد عالَمنا الإسلامي -خصوصًا والتاريخ يشهد على تسامحنا ذات فتنة مع بعضنا الذين أساؤوا (لتمثال بوذا)- إن ردود أفعالكم غير مبررة إطلاقًا، ولا يمكن أن تَصدر عن أُناس متحضرين؛ لأن (الآخر) ضرب أروع الأمثلة للتسامح في (مواقف مشابهة) فاقتدوا بهم يا رعاكم الله. وإن كنتم لا بد فاعلين فوظِّفوها للتنديد بالغاضبين الذين (أخذوا في أنفسهم) على مُصدِّرِي قيم التسامح؛ لأن غضبتهم تلك تتنافى وأبسط مفاهيم التحضُّر. واعلموا أن ما تَعرَّض له خاتم الرسل فهو لا يتعدى كونه (حقًّا مشروعًا) لأصحاب النيات الطيبة، تكفله لهم (وحدهم) الدساتير في ظل الديمقراطية الفضفاضة. يكفيكم مواساةً أن (كلينتون) قد اشمأزت من الطيبين الذين أنتجوا الفيلم! وإن أصررتم على تأويل نيات الطيبين ففي تحضُّركم نظر.. وفي فمي ماء! [email protected]