تغريدة في "تويتر" يقول صاحبها: "حسن الترابي في برنامج "في العمق" يقول: (الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يحضر الأحباش يرقصون عنده في المسجد)!! أحد يُصحِّح لي سمعي!!". - أجبته عليها بتغريدة قلتُ فيها: (سمعتُ أنا ما سمعته أنت، وقرأتُ عنه من قبل.. والله أعلم). - فأجاب في تغريدة أخرى قائلاً: (كلام غريب ما قدرت استوعب صحته). حديث الترابي -الذي يُعدُّ من أشهر المجتهدين على صعيد الفكر والفقه الإسلامي المعاصرين، وله كتاب في تفسير القرآن، وكتاب في أصول الفقه، وكتب كثيرة أخرى في مجالات الإصلاح الإسلامي والسياسة. وله العديد من الرؤى الفقهية المتميزة والمثيرة للجدل- يُثير مزيدًا من الجدل حول ما يقوله بين فترة وأخرى من آراء سياسية، أو دينية وفقهية. وهو ما دعاني لاستقصاء ما جاء حول هذا الأمر في الشبكة العنكبوتية، ووجدت الكثير حول الموضوع، منه: - عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل عليّ رسولُ الله -صلّى الله عليه وسلّم- وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، ودخل أبوبكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي -صلّى الله عليه وسلّم-! فأقبل عليه رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فقال: "دعهما". فلمّا غفل غمزتهما فخرجتا. - وفي صحيح ابن حبّان أنّها قالت: ولمّا قدم وفد الحبشة على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قاموا يلعبون في المسجد، فرأيت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يسترني بردائه وأنا أنظر إليهم، وهم يلعبون في المسجد، حتى أكون أنا الذي أسأم.. فاقدروا قدْرَ الجارية الحديثة السنّ الحريصة على اللهو. ويذكر الإمام الغزالي -في إحياء علوم الدين- أن النظر إلى رقص الأحباش والزنوج يدل على أن الغناء واللعب والرقص ليس مُحرّمًا، وأن سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة: أترغبين أن تنظري إليهم وهم يلعبون -دليل على حسن الخلق في تطييب قلوب النساء والأولاد، بمشاهده اللعب أفضل من خشونة الزهد والتقشف والامتناع والمنع- وفي هذه الأحاديث أيضًا دليل على أن صوت المرأة غير محرم. وأذكر في هذا المقام ردّ الشيخ عبدالمحسن العبيكان، المستشار السابق بالديوان الملكي وعضو مجلس الشورى السابق، على جماعات متشددة غضبوا من شريط فيديو صور له وهو يرقص بالسيف في حفل عرس، قال فيه: "إن اللعب بالحراب أو بالسيوف جائز شرعًا، وأقره النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في صحيح البخاري". وأضاف: "إن بعض مهاجري الحبشة كانوا يلعبون في فناء مسجد الرسول، فدعا النبي زوجته عائشة لتشهد الأحباش، ومكّنها من النظر إليهم، وهو ما يعتبر إقرارًا، علمًا أن ذلك اللعب كان في المسجد الذي يعلمون أنه أقيم لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن". (الشرق الأوسط" في 11/03/2008). علمًا أن هناك كثيرًا من علمائنا يرون أن حديث الأحباش لا يدل على جواز الرقص، بل هو دليل جواز اللعب بالسلاح، والتدرب على الحرب، والمبارزة؛ لغاية الجهاد؟ والله أعلم! [email protected]