العابر ل»جادة عكاظ» سينصت لشعراء المعلقات، وسيتأمل تلك الرسوم المنقوشة على الصخور الموزعة على جوانب الجادة، ويرى حراك البيع والشراء من خلال الحرفيين ومن يبيع هناك، ولن يتحرك الزائر كثيرًا حتى تشدّه تلك المسرحيات التي تُقدم من خلال "مسرح الشارع" في زي تاريخي وممثلون مبدعون، كل هذا بتنظيم يشترك فيه 150 شابًا. وأوضح عبدالله المرشد مدير المنتجات أن عروض مسرح الشارع في «جادة عكاظ» قُسمت إلى ثلاث مراحل زمنية، تبدأ من بعد صلاة العصر وحتى العاشرة مساءً. فمن صلاة العصر إلى صلاة المغرب (ساعة ونصف الساعة تقريبًا) تشهد عبور قوافل الجمال عبر الجادة وتوقفها عند كل شاعر من شعراء المعلقات العشر المتواجدين على امتداد الجادة فيعرّف الشعراء بأنفسهم ويلقون معلقاتهم على أسماع زوار الجادة. والفترة الثانية الممتدة بين صلاتي المغرب والعشاء تتضمن تقديم عرض مسرحي باسم «قصص من عكاظ»، وهناك فرقتان مسرحيتان تقدم العرض في موقعين مختلفين ولكن متزامنين. والفترة الثالثة والأخيرة تبدأ بعد صلاة العشاء وتتضمن استعراض مهارات ركوب الخيل والمبارزة على امتداد الجادة. وهناك 150 شابًا مشاركًا في العروض المسرحية، بينهم 100 شاب متطوع من الطائف يؤدون دور المجاميع والممثلين الثانويين، وأما ال 50 شابًا الآخرون فجاءوا من مختلف مناطق المملكة لتأدية الأدوار الرئيسية في عروض الجادة المسرحية. وحول الممثلين المشاركين في تأدية أدوار شعراء المعلقات العشرة في جادة عكاظ، أكد مؤلف العرض المسرحي خالد القحطاني أن هؤلاء الممثلين من ذوي الخبرة السابقة في التمثيل وسبق أن شاركوا في عروض مسرحية داخل المملكة وخارجها ومن بينهم مخرجون مسرحيون، ولفت إلى توظيف 15 جملاً و17 جوادًا في العروض المسرحية ومسيرات القوافل والمجاميع. من جهة أخرى، شارك عدد كبير من الطلاب المتطوعين في تقديم أعمال تمثيلية تاريخية متنوعة ومسيرات للقوافل في «جادة سوق عكاظ»، تحت إشراف الهيئة العامة للسياحة والآثار. ويقدم الشبان المتطوعون أحداثًا تاريخية متنوّعة ميّزت سوق عكاظ وحددت ملامحه في قدم التاريخ، من خلال محاكاتهم لتفاصيل الحياة في زمن السوق قديمًا، بملابسهم العتيقة وترديدهم لقصائد المعلقات. وأوضح مدير البرامج والمنتجات السياحية في الهيئة العامة اللسياحة والآثار عبدالله المرشد أن المشاركة الطلابية التطوعية تضم 150 طالبًا من مختلف مراحل التعليم العالي والعام، مشيرًا إلى أن هذه المشاركة ليست الأولى، إذ سجل الطلاب المتطوعون نماذج من إبداعاتهم في سوق عكاظ وقدموا كل ما هو جديد لزواره، معبّرين عن قدراتهم وحبهم لتقديم الماضي بكل صوره وأشكاله، سواء ثقافيًا أو اجتماعيًا أو معيشيًا. وأكد أصغر متطوع مشارك في عروض «جادة عكاظ» عبدالمجيد محمد العدواني (11 عامًا) أن مشاركته في هذا العمل التطوعي عزّزت ثقته في نفسه وهيّئته لرسم طريقه في المستقبل بالاعتماد على أصالة الماضي الراسخة الجذور. وأشار إلى أن مشاركته التي تعتبر الأولى بالنسبة له ستتبعها مشاركات أخرى إذا سمحت له الظروف وحاز على إعجاب المسؤولين في السوق بما يقدم من أعمال تليق بسمعة هذه التظاهرة الثقافية. وقال العدواني: أتمنى أن أكرّم بلقب «شاعر عكاظ» في المستقبل وإن شاء الله سأقدم ما يحظى بإعجاب زوار عكاظ، مضيفًا: أنظر إلى مشاركتي في سوق عكاظ كواجب وطني تجاه مجتمعي ومحافظتي (الطائف) التي تعتبر أرضًا خصبة لإقامة مختلف الفعاليات والأنشطة. وبيّن الطالب بكلية العلوم جامعة الطائف وأحد الشبان المتطوعين محمد المالكي أن ما يلفت نظره هو المتابعة الكبيرة من قبل زوار السوق وإعجابهم بما يقدمه وزملاؤه من مشاركات تحاكي الماضي من ناحية المعيشة والملبس والحياة، وكذلك مسيرة قوافل الجمال التي كانت تجوب السوق في الماضي. وأكد المالكي وجود طاقات وقدرات شابة بحاجة إلى من يرعاها ويدعمها، مشيرًا إلى أن سوق عكاظ هو أحد هذه الأدوات التي ستقدم هؤلاء الشباب إلى المجتمع بملامستهم للحضارة العربية العريقة. فيما دعا الطالب في قسم الكيمياء بجامعة الطائف عبدالله المطيري زملاءه الطلاب إلى ضرورة حضور مثل هذه التجمّعات التي تشد العزيمة وتزيد من الاعتماد على النفس وتسهم كذلك في إبراز الهوايات والقدرات الواعدة التي يستفيد منها الوطن. وأبدى طالب المعهد الصحي بالطائف عبدالله سالم القرشي سعادته لموافقة اللجنة المنظمة للسوق على انضمامه إلى مسيرة القوافل في «جادة سوق عكاظ» والتي عرّفته على كثير من المظاهر التي اندثرت عبر التاريخ وعاد وأحياها السوق كالتجارة القديمة والحرف والصناعات اليدوية والأزياء التاريخية. وشاركه الرأي الطالب عبدالعزيز خالد العتيبي الذي أكد أن سوق عكاظ يعد نقلة نوعية للثقافة العربية والحضارة التي لم تندثر بل كان التألق هو طريقها في هذا المحفل. وذكر الطالب سلطان بن سعود الحارثي أن مشاركته التطوعية في «جادة سوق عكاظ» لا تنسى وسوف يتذكّرها بين الحين والآخر للمكانة التي تمثلها في نفسه.