قدم الفنانان العراقي أحمد الشهابي، والسعودية نوري العتيبي، في معرضهما المشترك «حضارات خالدة»، والمقام بجدة بالمركز السعودي للفنون التشكيلية، مجموعة من اللوحات التي تعتمد أساسًا على التأريخ واستلهام الحكايات والشواخص التي تتحدث عن حياة تلك الفترة ومنها الحرف العربي والزخرفة الإسلامية وفنون العمارة العربية والخير والشر والبشر وغير ذلك. فقد تضمنت لوحات المعرض، عناصر زخرفية وآدمية وحيوانية إلى جانب العديد من الرموز وفن العمارة الإسلامية والإشارات والأرقام، وتلك العناصر التي تضرب جذورها عميقًا في مكب الموروث الفني العراقي والجزيرة العربية (نجد والحجاز) منذ آلاف السنين، كما يحاول الفنانان أن يمنحا الواقع قيمة جمالية تبلغ حد الرموز الواقعي المرتبط بالإنسان، أي المرتبط بالحالة الاجتماعية والنفسية، والرمز هنا مرتبط برؤيته ويعتبر جزءا من توحهما الفني. المعرض افتتحه المحامي نزيه عبدالله موسى بقاعة عبدالله القصبي بالمركز السعودي للفنون التشكيلية بجدة، وأشاد بالمعرض وما ضمه من أعمال مميزة للفنان الشهابي والفنانة نوري، وقدم شكره للمركز السعودي على اهتمامه بأقسام المعارض المميزة. وقد أكد الفنانان من خلال أعمالهما المختزلة والمقدمة بالأسلوب السهل المجتمع، حقيقة ارتباط الشكل بالمضمون الذي يكشف عن أصالة وعمق الانسان من ناحية، والأسلوب الواقعي المشذب الذي يتحد بالفكرة ويعبّر عن المضمون من ناحية أخرى. الفنان التشكيلي أحمد الشهابي يثير من خلال أعماله الفنية الدهشة والانبهار وبعمق الحس الجمالي عند الملتقى، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تمتّعه بخبرات تشكيلية ومقدّرة في مجال الخط والزخرفة والرسم، فاختياره للعناصر وتوزيعها في مساحات متوازنة ضمن تكوين مترابط محكم وبغير تكلف أو اصطناع، تشهد على حسّه اللوني والتشكيلي الراقي وعلى تمكّنه من أدواته الفنية. والقيم التشكيلية عند الفنانة التشكيلية نوري العتيبي تأخذ أبعادها وتفرز معطياتها من موضوع اللوحة ذاتها، وبقدر ما فيها من شحن ايحائية لا من مفاهيم تجريبية مطروحة بشكل نهائي، وإنما بالقدر الذي تطرحه تلك الصورة يمكننا الدخول وبخطوات متباطئة وحذرة إلى قلب أعمال الفنانة العتيبي، فلوحات الفنانة العتيبي قصيدة اللون فيها الحنين والشمس ولحظات الغروب وفي مكوّناتها عناصر الإبداع الذي يأخذنا في لوحاتها إلى آفاق نكتشف من خلالها ذاتنا والحس الفني المتميّز.