كتبت الأسبوع الماضي عن افتقار مكتباتنا إلى قصص الأطفال، رغم امتلائها بالعديد من القصص المطبوعة وبأشكال وأحجام عديدة، ولكنها قصص مكرّرة، ومؤلّفات قديمة بطبعات حديثة ومتعددة. وأفضلها هي تلك القصص التي كانت على زمننا. شكلًا ورسمًا ولغة ومضمونًا. وتحدّثت عن القصص المترجمة التي تحظى بالاهتمام لتسدّ عجز التأليف العربي عن تقديم أفكار وموضوعات جديدة للأطفال تتناسب وعصرهم، وقدراتهم. وبعض المحاولات الحديثة قد اهتمت بالشكل الفاخر جدًا في الطباعة مع تفاهة المضمون، وركاكة الأسلوب، وأخطاء اللغة التي لا تغتفر!! ولأنّ لقصص الأطفال دورًا مهمًّا في صياغة الطفل من النواحي التربية والاجتماعية والنفسية والتربوية والفنية والجمالية، فضلًا عن التنمية العلمية والفكرية واللغوية ومستويات التخييل كان من المهم أن يعنى بها. ويُسعى دوما في سبيل تأليف الجديد وابتكاره وإخراجه في صور جيدة تتناسب مع عمر الطفل ومستواه الإدراكي بأسلوب جميل وشائق ومناسب. مع مراعاة عدم وجود أخطاء لغوية ونحويّة وإملائية كالتي تصدمنا في بعض ماهو موجود فعلًا في المكتبات. مع ضرورة تقديم ما يتناسب معنا من قيم تربوية وأخلاقية ومعرفية واجتماعية ونفسية ولغوية وجمالية. لأن القصة لا تقدّم للطفل الامتاع والتسلية فحسب.. بل هي السبيل لتنمية خيال الطفل وقدرته على الابتكار، وتنمية الذوق الفني والحسي لديه، وإكسابه اتجاهات اجتماعية وخبرات في كيفية التصرّف في بعض المواقف. فمن خلال القصة يستخلص الأطفال العبرة والمفهوم والسلوك المرغوب فيه اجتماعيًا بطريقة شائقة خالية من الأمر والنهي. كما أنها تعمل على توسيع خيالاته إلى أبعد من الواقع، وتشجّع ميوله الاستقلالية والإبداعية. كما أنها تسهم في زيادة خبرة الطفل عن العالم من حوله كالطبيعة والعالم الخارجي وعادات الشعوب، وغيرها إذا ما تطرّقت إلى ذلك. ودورها كبير في إثراء لغة الطفل بتزويدها بالمفردات والتراكيب والعبارات الجديدة. فقصص الأطفال تعدّ وسيطًا تربويًا، يتيح الفرصة أمام الأطفال للاستكشاف، واستخدام الخيال، ومعرفة الإجابات عن أسئلتهم واستفساراتهم إلى غير ذلك من الأدوار التي تقوم بها. ونظرًا لعدم وجود كتّاب جيّدين يكتبون قصصًا للأطفال، أصبحت الترجمة تسد العجز. رغم أنه يمكننا أن نجد مواهب كثيرة تخرج لنا قصصًا جديدة تتناسب وطفل اليوم، ولغة عصره، حتى لو كان طفلًا يكتب للأطفال. وهذا هو دور المعلّم والمربّي والآباء والأمهات. إذ عليهم أن ينقّبوا بين مواهب أطفالهم لعلّهم يجدون ما ينبئ بميلاد كاتب ومؤلّف لقصص الأطفال. ومن لديه الموهبة ينبغي أن يجد دعمًا وتشجيعًا من المدرسة والبيت.. بل ودور الطباعة والنشر إن ثبتت موهبته وكان إنتاجه يستحق النشر. وهذا ما نفتقر إليه مما يجعل الكثير من المواهب تموت، ويجعل مكتباتنا عاجزة عن تقديم قصة جديدة جيّدة مستقاة من قيمنا ومبادئنا. [email protected]