أنا شاب متزوج منذ سنة، وزوجتي حامل الآن، وفي زوجتي صفات جميلة أحبها وأخرى أبغضها، ولكن المشكلة تكمن في الناحية الجمالية، فالمرء يرغب في امرأة تعفه، لا سيما بعد فترة سأكمل دراستي بالغرب، وتعلمون حينها حجم الفتنة هناك. فما رأيكم في أمري هذا؟ علمًا بأني لا أرغب بظلمها إطلاقًا، خصوصًا أنها تحبني جدا، وأنا لا أرى بنفسي ذلك الميل لها. عبدالله - الرياض يجيب عن التساؤل الاستشاري الاجتماعي اسكندر هوساوي فيقول: لقد بدأت سؤالك بجملة فيها سر الجواب، حيث قلت: «في زوجتي صفات جميلة أحبها وأخرى أبغضها». ولعلك الآن في سنة أولى زواج، وتظن أنك لو تزوجت امرأة أجمل ستشعر بالرضى، ولكن من خلال الواقع المحسوس بل وبالدراسات أن أجمل النساء سوف تصبح عادية بالنسبة لزوجها بعد فترة ليست طويلة، ولكن أطيب النساء ستظل مرغوبة مدى العمر، فهل ستفضل الجمال العابر على الطيبة التي في زوجتك؟! ثم هب أنك تزوجت ملكة جمال العالمين، وفي شهر العسل حدث ما اذهب جمالها، فهل ستبقى معها أم ستتركها وتبحث عن جميلة أخرى؟!: الأفضل هو تطوير مقياس قبولنا للزوجات، فلا نجعل الجمال هو صاحب الحظ الأكبر وهو الأسرع زوالا، وليكن مقياسنا مقياسًا متعددًا يكون النصيب الأكبر فيه للدين والأخلاق. واعلم يا رعاك الله أن الحب والميل بين الزوجين هو كالنبتة يغرسها الإنسان ثم ينميها، وبحسب عنايته بها بعد توفيق الله تنمو وتثمر، والله لو اعتنينا بثمرة الحب بين الزوجين لتجاوزنا كثيرا من الحواجز الوهمية بين الزوج وزوجته، فاهتم يا أخي بتطوير الحب بينك وبين زوجتك، وفيها فنون وعلوم لا تحصى، فابحث فيها واستمتع بتطبيقاتها، وأقول ان زوجتك فيها قدر من الجمال، ولكنك لم تر هذا الجمال لسبب ما. ولعلك تريد أن تعرف الجواب: أن الإنسان يحكم على الأشياء من حوله بناءً على ما وجه عقله نحوه، فلو كان يركز على تحسين صورة الأمر القبيح فسوف يرى في أقبح الأشياء متعة، ومثال ذلك من يرى في الزنا متعة ويسافر لأجله عشرات البلدان، وحتما الزنا أمر قبيح وخطير بكل المقاييس، ولوركز عقله على تقبيح صورة الأمر الحسن فسوف يرى القبح فيه، ومثال ذلك من يعزف عن الزواج ويرى أنه مقيد للحرية وفيه مسؤولية زيادة عن اللزوم، وحتما الزواج خير بكل المقاييس، ويكفيه شرفا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (النكاح سنتي). إن كثيرا ممن لا يقتنعون بجمال زوجاتهم يكونون ضحية لمقارنات عقلية كانت أو واقعية حصلت بين صور زوجاتهم وصور أخرى يتصورون فيه الجمال ومن تلك الصور التي عادة ما تحصل معها المقارنات ما يأتي في القنوات من ممثلات ومذيعات، وما في المجلات من صور، وما في الواقع من متبرجات في الأسواق وغيرها والمخرج من هذا كله غض البصر، فمن غض بصره أصبحت زوجته هي عالمه، ومن أطلق بصره لم يقنع حتى بأجمل نساء الأرض؛ لأن جاذبية النساء لا تكمن في الجمال الظاهر فقط، وإلا لما وجدنا من لديهم زوجات كما يقال كالقمر، ثم نجدهم يعشقون نساء غير زوجاتهم حظهن من الجمال الظاهر أقل بكثير من زوجاتهم الحلال. أما فيما يخص الدراسة في الغرب فالفتنة هناك لا تحتاج إلى زوجة جميلة لمقاومتها، فلو كان اعتقادك أنك ستقاومها بسلاح جمال الزوجة، فاعلم يا أخي أن هذا أضعف سلاح تتسلح به في تلك المعركة، ولا يجوز بك هذا السلاح ولا بوابة المطار. إن أقوى سلاح يتسلح به من يريد الذهاب للغرب للدراسة هو الإيمان وتعميقه في النفس، ويتولد عن ذلك القدرة على غض البصر، ثم الانشغال عن مواطن اللهو في تلك الديار، والارتباط بجماعة المؤمنين هناك حتى لا يستفرد بك الشيطان. اعتن بتنمية الحب بينك وبين زوجتك، وانظر لأجمل وأحب ما فيها،وأنت قلت في فاتحة كلامك: (في زوجتي صفات جميلة أحبها)، وأنت محظوظ لأن زوجتك تحبك كثيرا، وإذا لم يعجبك شيء ما فيها فيمكنك إرشادها بلطف إلى ما يعجبك من التزين والتجمل، ويكفي أنها تحبك كثيرًا لتطيعك في التزين والتجمل والدلال، ركز أخي على محاسن زوجتك وهي كثيرة. أخي الحبيب بعد قراءة هذه الرسالة أتمنى أن تسترخي قليلا وتغمض عينيك وتسرح في آفاق فكرك لتتذكر أجمل عشرين شيئا في زوجتك، ثم حدد أي ناحية في جماليات زوجتك العديدة هي الأقرب إلى قلبك. هل هو لون بشرتها المحبب إلى نفسك، أم مشيتها التي تمتعك إلى أقصى حد، أم هو ملمس يدها الحريري، أم نظرتها التي تنفذ إلى أعماق قلبك بحب وحنان، أم هو صوتها الذي تشعر وكأنه أعذب لحن في الوجود، فكر أكثر بجمال زوجتك فزوجتك فيها جمال كثير فقط ابحث عنه.