سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لينته ِالعنف ! الجمعيات التي أنشأتها الدولة للحماية والمساندة وتلقى الشكاوي لن توقف هذا العنف مالم يساندها قوانين رادعة وحماية فورية تنتشل المُعَنّف من بين براثن جلاده
متى ينتهي هذا العنف الذي يتنامى في المجتمع، ويصل إلى مدى يعجز المرء عن تصديقه؟ الحوادث المنشورة في الصحف ضد النساء والاطفال والمعوقين تمثل وصمة في جبين المجتمع الذي عجز عن حماية هؤلاء؟ أب يعتدي على ابنته البالغة 44 عاما وعندما تشكوه للجهات الأمنية يطلق سراحه ليمارس مزيدا من العنف بكل أشكاله ضد الضحية فلا أحد يصدق أن أباً بتلك الحيوانية وأن امرأة بلغت هذا العمر يمكن أن يُفعل بها هذا! أخيرا ضبط الأب متلبسا بجريمته وحكم وعليه ونفذ فيه الحكم ... لكن كم ضحية لم يؤخذ بأقوالها، وكم طفلا عجز عن البوح بما أصابه، ويرعبه الخوف وهو يواجه خصمه الأقوى ربما داخل المنزل او في السيارة أو الشارع ويعاود فعلته معه مرات ومرات دون أن يعي المحيطون به هذا؟ لا يمكن تصور ما مر به الضحايا من ألم جسدي ونفسي وما هي الجروح والندوب التي تظل عالقة في نفوسهم مدى العمر! يبدو أن الحلقة الأضعف في المجتمع ليست هي المرأة ولكنها أول حلقة في سلسلة العنف، فالحوادث التي نشرت تباعا حول ما حدث لنزلاء دور الرعاية الاجتماعية ودور الملاحظة ورعاية المعوقين تثبت أننا بحاجة إلى توعية حقوقية، تنهي هذا العنف وتوقف ممارساته، حتى في صورة قسر المرأة وجرها صاغرة إلى البنوك لفتح حساب للحصول على حافز ثم يذهب حافز أو الراتب إلى جيب الزوج ولو رفضت التنازل له عن المبلغ فإن مصيرها الضرب والطرد والتنكيل بمنع الوثائق الرسمية عنها وإذلالها لأن الزوج بصفته الولي الأقوى على المرأة من حقه كل شئ وهي لا تملك حتى نفسها ولا وقتها ولا أمومتها! لم نكن نتصور أن المعاق في دار الرعاية يمكن أن يتعرض للعنف حتى تداولت الصحف خبر نزيل دار رعاية شاب في العشرين من العمر. كيف تجرأ السائق واعتدى على ذلك الشاب بطريقة تعتبر انتهاكا محرما لجسد الفتى؟ العنف يبدو أنه شكل من أشكال الممارسة الاعتيادية، لا أقول الطبيعية لأن هناك فرقا بين العادة وممارساتها وبين الطبيعة الانسانية التي جبلت على الرحمة والكرامة، لكن التربية الأسرية والممارسات الاجتماعية والسلوك المتكرر الذي يتحول إلى عادة هي التي اسست هذه القاعدة من العنف الذي يمارس في البيت ضد المرأة والطفل وفي دور الرعاية ضد من أنشئت هذه الدور رأفة بهم ورحمة. أطفال تعرضوا للعنف حتى الموت على يد أب قاسٍ أو مريض نفسي أو زوجة أب نزعت من قلبها الرحمة، وفتيات وفتيان يتعرضون لممارسات مختلفة من العنف إذا استمر الأمر على ما هو عليه حتى الجمعيات التي أنشأتها الدولة للحماية والمساندة وتلقى الشكاوي لن توقف هذا العنف مالم يساندها قوانين رادعة وحماية فورية تنتشل المُعَنًف من بين براثن جلاده كما يحدث في العالم المتحضر الذي استطاع أن يحمي الجميع بقوة القانون وبالمؤسسات الرسمية الجاهزة للتدخل الحاسم في أي لحظة. امرأة تتعرض للضرب المبرح والكي والحرق ولا مجير إلا الموت يريحها من عذاباتها وزوج يسجن زوجته وأطفاله تحت تهديد السلاح. ماهي الصورة الذهنية التي حفرت في أذهان هؤلاء الصغار، وكيف يكون سلوكهم وعلاقاتهم المستقبلية في محيطهم الأسري والاجتماعي والعملي؟ إذن، لينتهِ العنف فورا بقوة القانون، وبأخذ الشكوى على محمل الجد مهما كانت وأن يلزم كل من يتلقى الشكوى من إيصالها إلى الجهات ذات العلاقة فوراً. عندما كنت في أمريكا وهددت حفيدتي ذات الثلاث سنوات بوضع « الفلفل» هددتني بالسجن. أدركت يومها أن هذه الطفلة ذات السنوات الثلاث تعرف حقوقها جيدا من خلال الحضانة ( day care ) هذا الوعي الحقوقي نحن بحاجة إلى بذر بذوره وغرس جذوره في تربة وعي الأطفال في البيت والمدرسة وبرامج التلفزيون والاذاعة ومن خلال الفن المسرحي والسينمائي الأسرع وصولا إلى الوعي. لينتهي العنف ضد النساء! تلك العبارة قالتها فاطمة غول بعد الأحكام المشددة التي حكم بها القاضي على كل من شارك في جريمة اغتصابها أو إخفاء الأدلة عن العدالة وهو مسلسل تركي، أي أنه عمل فني درامي لكن الدراما تضئ طريق المستقبل وتقدم ما يجب ان يكون لا صورة فوتوغرافية عن الواقع كما هو حال المسلسلات العربية وطبعا الخليجية التي تتعامل مع الدراما كتصوير للواقع لذلك انصرف عنها المشاهد العربي إلى الدراما التركية التي تضيء له زوايا المستقبل وتحث على تصحيح ثغرات القوانين وتعلم المشاهد فن الحياة بتصوير الجمال في الممارسات الحياتية اليومية . [email protected]