قال الدكتور محمد بن إبراهيم السويل رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية: إن الباحثين في المدينة يواصلون دراستهم حول درء مخاطر السيول والفيضانات عن مدن المملكة تمشيًا مع قرار مجلس الوزراء، مشيرا الى انها تعمل على إنتاج نماذج ارتفاعات رقمية لتضاريس الأرض عالية الدقة، وإنتاج صور فضائية عالية الوضوح مصححة تعامديًا بغرض تحديد مجاري السيول واتجاهاتها ومناطق تجمعها، مؤكدا انه تم انجاز ذلك بنسبة 70% حتى الآن. واكد انه يجري العمل حاليًا على إنتاج جيل جديد من القمح باستخدام تقنية التطفير بالطرق النووية، وذلك لتحسين صفات القمح حتى يتحمل الجفاف والملوحة ويقاوم الآفات الزراعية كمرض الساق الأسود, وكذلك يستخدم الباحثون التقنية نفسها لإنتاج جيل جديد من الورد الطائفي يتميّز بصفات وراثية مختلفة عن الصنف الحالي في لون الزهرة والشكل والرائحة، كما يصمم الباحثون في مجال الروبوت والأنظمة الذكية نظامًا لإعادة تأهيل المصابين بالجلطات الدماغية. واضاف ان المدينة تواجه عددًا من الصعوبات منها تسرّب الكوادر البشرية إلى جهات أخرى نظير ما يُعرض عليهم من مميزات، كذلك ندرة المتخصصين في مجالات علمية دقيقة تحتاجها. وفيما يلي نص الحوار: * ماهي أبرز المشروعات التي تم إنجازها والتي جار تنفيذها حاليا؟. - انجزت المدينة في السنوات الاخيرة الماضية 292 مشروعا بحثيا بقيمة 341 مليونا, كما تقف حاليًا على تنفيذ 273 مشروعًا بحثيًا تُقدر تكاليفها بحوالي 1.3 مليار ريال, منها مشروع (مبادرة الملك عبدالله لتحلية المياه بالطاقة الشمسية) الذي يهدف إلى تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية بتكلفة منخفضة للمساهمة في الأمن المائي ودعم الاقتصاد الوطني بتقنيات وأياد وطنية، كذلك مشروع «مبادرة الملك عبدالله للمحتوى العربي» التي تشرف على تنفيذه المدينة بالتعاون مع الجهات ذات الصلة داخل المملكة وخارجها للنهوض بالمحتوى العربي كمًا وكيفًا، والتحول إلى المجتمع المعرفي والحفاظ على الهوية العربية والإسلامية، بالإضافة إلى ضمان حصول جميع شرائح المجتمع على المعلومات والفرص الإلكترونية, وقد أثمرت هذه الجهود في رفع نسبة المحتوى العربي على الشبكة العالمية من 1.2% عام 1432ه إلى 2% في عام 1433ه، ومن المشروعات كذلك التي يعمل عليها الباحثون في مجال التقنية الحيوية فك الشفرة الوراثية لسوسة النخيل الحمراء حيث تم انجاز 60% من هذا المشروع، وكذلك يجري العمل على الخريطة الوراثية للرز الحساوي، وقد تم الانتهاء من 50% من هذا المشروع، علمًا بأنه تم الانتهاء من فك الشفرة الوراثية للجمل. دراسات مخاطر السيول * ماذا عن مشروعات الأنظمة الفيزيائية والالكترونيات والروبوت؟. - من ضمن مشروعات الرياضيات والفيزياء يدرس الباحثون بعض الأنظمة الفيزيائية مثل التجمعات الذرية، والدوائر فائقة التوصيل، والنظم الضوئية غير الخطية؛ بغرض استكشاف وتطوير تقنيات جديدة تقوم بعمل القياسات الدقيقة والاستشعار عن بُعد، باستخدام مفهوم التداخل والتماسك الكميين, حيث تتعاون المدينة مع جامعة تكساس الأمريكية لتنفيذ هذا المشروع، وتدريب طلبة الدكتوراه ليكونوا نواة لمجموعة بحثية متميزة في هذا المجال، وقد تم الانتهاء من 75% من هذا المشروع حتى الآن، بالإضافة إلى ذلك يواصل الباحثون دراستهم حول درء مخاطر السيول والفيضانات عن مدن المملكة تمشيًا مع قرار مجلس الوزراء, حيث تعمل المدينة على إنتاج نماذج ارتفاعات رقمية لتضاريس الأرض عالية الدقة، وإنتاج صور فضائية عالية الوضوح مصححة تعامديًا؛ بغرض تحديد مجاري السيول واتجاهاتها ومناطق تجمعها، وقد تم إنجاز ذلك بنسبة 70% حتى الآن، أما بالنسبة لمجال الالكترونيات والاتصالات والضوئيات فتسعى المدينة إلى تصميم وبناء معالج إلكتروني لتطبيقات الانترنت، ونقل تقنيات تصميم شرائح الإلكترونيات الرقمية؛ بهدف الرفع من سرعة الأداء، كما يعمل الباحثون بالتعاون مع شركة إنتل على تطوير تقنيات يمكن من خلالها تقليل استهلاك الطاقة في الأجهزة الإلكترونية وزيادة كفاءتها، كما يجري العمل حاليًا على إنتاج جيل جديد من القمح باستخدام تقنية التطفير بالطرق النووية، وذلك لتحسين صفات القمح حتى يتحمل الجفاف والملوحة ويقاوم الآفات الزراعية كمرض الساق الأسود, وكذلك يستخدم الباحثون التقنية نفسها لإنتاج جيل جديد من الورد الطائفي يتميّز بصفات وراثية مختلفة عن الصنف الحالي في لون الزهرة والشكل والرائحة، كما يصمم الباحثون في مجال الروبوت والأنظمة الذكية نظامًا لإعادة تأهيل المصابين بالجلطات الدماغية، وذلك بالتعاون مع جامعة تونت الهولندية، حيث تم التدريب على تصاميم النظام الروبوتي المرتبط بالأطراف السفلية، وبناء الهيكل الخارجي المساعد على توجيه حركة المصاب وبناء المشاهد المفترضة والمعدة مسبقًا. توظيف البحث العلمي * هل يقف دور المدينة عند هذا الحد من المشروعات؟. - المدينة لا يقف دورها عند هذه المرحلة فهي تسعى إلى توظيف البحث العلمي ونتاجه للتنمية الصناعية، من خلال مركز التطوير التقني الذي انشئ من اجل المساعدة في نقل التقنية من الخارج، ومساعدة للمستثمرين والباحثين، وتنفذ المدينة حاليًا من خلاله عدة برامج أبرزها: برنامج حاضنات وواحات التقنية ويهدف إلى العمل مع القطاعات الوطنية المختلفة (جامعات، مراكز بحث، شركات مستثمرين) لتطوير التقنية، وحددت اختصاصاته في المساهمة في إنشاء واحات وحاضنات التقنية، المساعدة في إنشاء مشروعات التطوير التقني في الصناعة ومساعدة الباحثين والمستثمرين في تطوير فرص مشروعات تقنية تجارية وفي نقل التقنية من مصادر خارجية وتأهيلها للمستثمرين والباحثين وتوفير المعلومات عن التقنية والأعمال، المساعدة في تسهيل الشراكات بين أصحاب الأموال، ورواد الأعمال والصناعيين من جهة، والباحثين والمؤسسات الأكاديمية والبحثية من جهة أخرى. * كيف يستفيد المجتمع والجهات الحكومية والجامعات من الأبحاث التي أجرتها ودعمتها المدينة؟. - سعت المدينة لتصميم عدة مسارات لتحقيق الاستفادة المثلى من هذه المشروعات البحثية, منها تطوير وتحديث قواعد المعلومات العلمية والتقنية لتتولى مهمة تزويد المؤسسات العلمية ومراكز البحوث والجهات المستفيدة بما يتوفر من معلومات عن الأبحاث والباحثين بالمملكة، وذلك من خلال قاعدة الأبحاث السعودية (قبس) التي بلغ عدد الجهات المشتركة فيها 40 جهة حكومية، فيما بلغ عدد المستفيدين من خدماتها ما يزيد على 25000 مستفيد، كما قامت المدينة بالعمل مع صندوق الاستثمارات العامة بتأسيس الشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني (تقنية) للاستثمار في المشروعات التقنية وتأسيس شركات تقنية لتطوير منتجات وخدمات مبتكرة ذات مستوى عالمي, بهدف الاستفادة من مخرجات البحوث والبرامج التطبيقية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والجامعات والمراكز البحثية الأخرى، ونقل التقنية إلى المملكة, حيث تعمل هذه الشركة على سد الهوة الموجودة حاليًا في منظومة الأبحاث والتطوير في المملكة العربية السعودية. ترشيد الطاقة * ما هي أبرز النتائج التي تحققت من خلال حملات ترشيد الطاقة؟. - لا شك أنه في ظل الزيادة المضطردة في معدلات استهلاك الطاقة بشكل عام على المستوى العالمي وبالتالي ازدياد الطلب على مصادر الطاقة، فإن الحاجة تبرز إلى اتباع سياسات عدة ومبادرات على أعلى مستوى بهدف المحافظة على هذه الثروة وترشيد استهلاكها بما يحقق الاستخدام الأمثل ويخدم سياسات التنمية في مختلف دول العالم، وحيث ان المملكة العربية السعودية تعتمد بشكل أساسي على النفط كمورد رئيسي يمثل نحو 90% من دخلها القومي، فإن الحاجة تبرز بشكل ملح إلى اتخاذ سياسات وتدابير عاجلة للحد من الهدر الكبير في استهلاك النفط والغاز لإنتاج الطاقة، خاصة إذا ما علمنا أن معدلات الاستهلاك والطلب على الطاقة الكهربائية محليًا قد فاق المعدلات العالمية، اضافة الى الهدر والفاقد في استهلاك الطاقة الذي يأتي على حساب الاستثمار في تطوير البنية التحتية والاجتماعية والبشرية، وعلى حساب مقدرات الأجيال القادمة، لذا تأتي حملات ترشيد الكهرباء والطاقة بشكل عام كجهد وطني كبير يجمع العديد من الجهات المعنية، بهدف توجيه الاهتمام إلى هذا الهدر الحاصل في استهلاك الطاقة، ورفع معدلات الوعي العام بأبعاد هذه المشكلة، ويتولى المركز السعودي لكفاءة الطاقة بالمدينة منذ ان كان برنامجًا وطنيًا لترشيد الطاقة حتى صدور قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 363 وتاريخ 24 ذو القعدة 1431ه بتحويله من برنامج مؤقت إلى مركز وطني دائم في إطار التنظيم الإداري للمدينة، يتولى بشكل رئيس مهمة ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة وتوحيد الجهود بين الجهات الحكومية وغير الحكومية في هذا المجال، وقد بدأ المركز منذ فترة تنفيذ حملات توعوية موجهة إلى فئات محددة في المجتمع إذ نفذ المركز حملات نوعية مكثفة استهدفت مائة وخمسين ألف طالب وطالبة في المرحلة الابتدائية بمدارس الرياض والخرج والمنطقة الشرقية وذلك في المرحلة الأولى، كما تم في المرحلة الثانية استهداف ثلاثمائة ألف من الطلاب والطالبات لنفس المرحلة في المنطقة الغربية، ومن المقرر بمشيئة الله تعميم الحملة على جميع مناطق المملكة، حيث سيتم استهداف 50% من إجمالي عدد طلاب وطالبات المرحلة الابتدائية البالغ عددهم (2,2 مليون طالب وطالبة) وذلك عبر عدة مراحل. ما هي أبرز جهود المركز، وما هي أبرز التحديات التي تواجهها تلك الحملات؟. - من ضمن جهود المركز إقامة ورش عمل مكثفة في عدد من الجامعات والكليات للتعريف والتوعية بأهمية ترشيد الطاقة الكهربائية لمصلحة البلد والأجيال القادمة، كما تم ايضًا اطلاق حملة توعوية للتعريف بالمركز وبطاقات كفاءة الطاقة باستخدام شاشات الطرق، اضافة الى ذلك فقد تم بالتعاون مع الرئاسة العامة لرعاية الشباب الاستفادة من شاشات الملاعب والمدن الرياضية بالمملكة للتعريف بالمركز وبطاقة كفاءة الطاقة وبث رسائل توعوية لترشيد استهلاك الطاقة موجهة للشباب، كما تم أيضًا الطلب من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف توجيه الخطباء وأئمة المساجد للحديث عن أهمية ترشيد استهلاك الطاقة والمحافظة عليها، كما يعتزم المركز السعودي لكفاءة الطاقة التوسع في إقامة هذه الحملات التوعوية وذلك لإحداث التأثير المطلوب وتحقيق الهدف المنشود في الوصول إلى قناعة تامة لدى أكبر شريحة من المواطنين والمقيمين بأهمية الترشيد وآثاره الايجابية على المدى القريب والبعيد، وتعديل المفاهيم والسلوكيات في هذا الجانب، ولكي يتم التأكد من إحداث التغيير المطلوب فلا غنى عن إجراء الدراسات المسحية من قبل الجهات المتخصصة من وقت لآخر لمعرفة مستوى الوعي والاتجاهات والسلوكيات لدى كل شرائح المجتمع تجاه استخدام الطاقة وخصوصا الطاقة الكهربائية، والمركز حاليًا يعمل على تنفيذ هذه الدراسة التي تشمل كل مناطق المملكة. تسرب الكوادر * ما هي أبرز التحديات التي تواجهها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في هذه المرحلة؟. - تواجه المدينة عددًا من الصعوبات، منها تسرّب الكوادر البشرية إلى جهات أخرى نظير ما يُعرض عليهم من مميزات، كذلك تعاني المدينة من ندرة المتخصصين في مجالات علمية دقيقة تحتاجها، بالرغم من أن المدينة تقوم بابتعاث وتدريب منسوبيها، وتدريب منسوبي جهات أخرى داخل المملكة, بالإضافة إلى أن تطبيق نتائج البحث العلمي في الصناعات الوطنية دون المستوى المأمول؛ لأن العديد من شركات الصناعات الوطنية تركز على التشغيل والإنتاج دون الاهتمام بالتطوير وتوطين مستجدات التقنيات وتسجيل براءات الاختراع حفظًا لملكيتها الصناعية، مما يفقد المنتجات الوطنية ميزات إضافية ترفع من قيمتها السوقية.