تَكمن قُوة (جماعة الإخوان المسلمين) بمسمياتها المختلفة في العديد من الدول العربية في صبرها وثباتها لسنوات طويلة رغم التصفيات والعواصف التي اجتاحت رموزها وقَادتها، وفي قدرتها على استقطاب الشريحة الأكبر من المواطنين من خلال الاقتراب منهم ومشاركتهم في همومهم، ومساعدتهم بمشروعات وبرامج العَمَل الخيري، ساعدها في ذلك حالة التهميش والفَقر والاضطهاد التي يكتوي بنارها أولئك المساكين. ثمّ مع نسمات الحرية والديمقراطية والانتخابات الصادقة التي سَرَت أخيرًا في جَسَد العديد من الدول العربية تحقق ل (الإخوان أو الأحزاب التي تمثلهم) الصعود السياسي، والوصول لقيادة الحكومة كما حصل في (المغرب وتونس ومصر). نجاح (جَماعة الإخوان) وصعودها السياسي يبدو أنه أصبح مُغريًا وجَاذبًا لغيرها في الاقتداء بها وفي آليات عملها أو على الأقل الانطلاق بنفس الاسم والارتباط به (لَعَلّ وعَسى)!! ففي مِصر وقبل أيام أُعْلِن عن تأسيس (جَمَاعَة الإخوان المَسِيحيين)، وأشَار المؤسسون لهذه الجَمَاعَة إلى أنَّ هَدفها تأصيل الهوية الدينية للمَسِيحيين، والدّفَاع عن قَضَاياهم، ونشر الوعي السياسي لديهم! وهنا أعتقد أن إطلاق مَسِيحيي مصر لتلك الجماعة، وما تشهده الساحة المصرية بعد ثورتها من تقسيم للمجتمع على أساس ديني وطائفي هو المهدد الحقيقي لمستقبل مصر. وما يحدث هناك في مصر إنما هو صورة وامتداد لما تعيشه الكثير من الأوطان العربية هذه الأيام التي انشغَلَت فيها المجتمعات أو بعبارة أدق شُغِلَت عن المطالبة بحقوقها بالصراعات الدينية والفِتَن الطائفية. وهذا ما يجب أن يتنبه له قادة الرأي والفِكْر في المجتمع هناك من مختلف التيارات؛ فعليهم ألا ينساقوا وراء تلك الموجَات والصراعات، ويزيدوا من اشتعالها عند العامة بأصواتهم وكتاباتهم وتغريداتهم. بل واجبهم العَمَل على قِيَام (جَمَاعَة المواطنين) بِالتأصِيل لثقافة المجتمع المدني ومفهوم (المواطنة) الذي من شأنه أن يُذيب كافة الانتماءات، ويُوحد أطياف المجتمع كافّة نحو الهدف الأسمى وهو الوصول لحقها في الحرية والتنمية والعدالة الاجتماعية والعَيش الكريم. [email protected]