يوم الأربعاء الماضي نشرت هذه الصحيفة في صدر صفحتها الأولى منظراً لأهالي جدة وهم يستمتعون بشاطئ البحر الجميل. نعم البحر جميل في كل الأحوال وله في النفس تأثير، لكن مشهد التكدس العجيب لا يشجع إطلاقاً على مشاركة الآخرين في هذه المتعة الطيبة. والسبب طبعاً ضيق الشريط المفتوح على البحر والمخصص لعامة الناس، والناس في جدة كثير. والناس في جدة كذلك (مساكين) يتشوقون لأي ترفيه متاح ومباح. لذا فهم يتكدسون كما يتكدس السردين في بقعة محدودة.. بحيزها الصغير، ومحدودة في الشمال وفي الجنوب بقصور الأثرياء الذين امتلكوا على شاطئ البحر مباشرة ما لا يمتلك عُشره أقرانهم في العالم المتحضر. وعلى حد علمي، فإن شواطئ العالم المتقدم مفتوحة لعامة الجمهور لا ينازعهم فيها أحد، وحتى المرافق السياحية العامة المقامة على الشاطئ لا تمتلك على الشاطئ شيئاً، فهو لضيوفها وللناس أجمعين. وذهبت مرة سائحاً إلى تونس في عهد النظام البائد، فوجدتها كذلك بالنسبة للشواطئ مفتوحة للناس أجمعين كما في العالم المتقدم البعيد. ولأن المساحة محدودة جدة، ترى الناس على شاطئ جدة رجالهم بالثياب، وحتى الذين يسبحون من الأطفال الصغار من فئة (أبو فلينة وسروال) ليست للسباحة أصلاً، فمن العيب ارتداء غيرها أمام النساء بالرغم من قلتهن في ذلك الخضم الكبير. يبقى الأمل في أن ينعم أهل جدة في القريب العاجل بمشروع (الواجهة البحرية) الجميل ليكون متنفساً حقيقياً حضارياً مع توفير شواطئ واسعة مناسبة للسباحة، فليس غير البحر مكاناً لسباحة من لا مسبح له. ولست أرى عذراً لعائلة واحدة تستمتع بشاطئ قد يصل إلى مائتي متر في حين يتكدس عشرات الألوف في شاطئ قد لا يزيد عن مائتي متر. متنفس آخر شائع في كثير من مدن العالم المتحضر، وهو (الممشى) The Walk، وهو شارع عريض مخصص للمشاة فقط، على جانبيه مطاعم ومحال تجارية فيها ترفيه وفيها (تغيير) عن النمطي والسائد. خلاصة القول نريد شاطئاً مفتوحاً واسعاً لعامة الناس، وممشى أو أكثر يشغلّه القطاع الخاص، ولترتح الأمانة وتستريح من فعاليات أيام العيد. [email protected]