في البداية أود التأكيد على ان الجهود التي يبذلها القائمون على إدارة الحركة في المسجد الحرام و ما حوله سواء للمشاة أو المركبات هي جهود كبيرة و مضنية ، و يجب علينا تقديم الشكر لكل فرد شارك فيها -عدا من أساءوا التصرف أو تلفظوا بألفاظ غير لائقة تجاه بعض ضيوف الرحمن. و لكن لابد من القول أن النتائج كانت في بعض الأحيان محبطة للأفراد المنظمين للحركة أنفسهم ، و السبب في رأيي ضعف البنية الأساسية و التخطيطية لإدارة الحركة التي لا تعينهم على أداء عملهم على الوجه المطلوب. و أوضح ما أعنيه في فقرتين ، الأولى حول حركة المشاة داخل المسجد الحرام و خارجه ، و الثانية حول حركة المرور للمركبات في المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام. أما حركة المشاة داخل المسجد الحرام فبنيتها الأساسية لازالت ضعيفة و غير ثابتة ، فجميع المسارات الإشعاعية و الدائرية في عموم المسجد الحرام غير محددة بحواجز ثابتة مثل تلك التي تحدد مسار العربات في المسعى ، وهذا برغم ثبات تحديد جزء محدود منها ب (ترامس) زمزم ودواليب المصاحف ، و هي غير مميزة بشكل واضح يميزها عن أماكن الصلاة. و لازالت اللوحات الإرشادية محدودة ، و الموجود منها غير واضح ، و هي تخلو من لوحات توجيه الحركة ، كلوحات تقود الداخلين للمسجد الحرام من جميع الجهات إلى بداية الطواف ، و إلى بداية السعي. وضعف البنية الأساسية يُضعف البنية التخطيطية ، و ضعفهما يُضعف قدرة المنظمين على إدارة الحركة ، و لا يعين رواد المسجد على الالتزام بالتوجيهات الشفوية للمنظمين. وفي رأيي أن عدم الوضوح للمسارات و الاتجاهات مزعج للرواد ، و محبط للمنظمين و لخطة إدارة الحركة. و كذلك حركة المشاة خارج المسجد الحرام برغم بدء تطورها في السنوات الأخيرة إلاّ أن التطور بطيء جداً ، و لا زالت تعتمد على وسائل بدائية ، وتخلو من اللوحات الإرشادية التي توجه القادمين للمسجد الحرام لأماكن الصلاة و للمطاف ، و الأماكن المخصصة للنساء ، و كذلك عدم تحديد المسارات المتجهة للداخل و الخارج من المسجد الحرام ، مثل أن يلتزم المشاة دائماً بالحركة على الجهة اليمين من أي مسار و ترك اليسار للاتجاه المقابل. فكلما كانت البنية الأساسية والتخطيطية معدة بإتقان كلما كانت معينة لكل من المنظمين والمشاة على تحقيق النتائج المتوخاة بحركة منسابة و مزيد من الشعور بالراحة و الاطمئنان لضيوف الرحمن. و أما حركة المرور للمركبات حول المسجد الحرام فبنيتها الأساسية و التخطيطية أيضاً ضعيفة جداً برغم تكرار المواسم ، وتكرار التجارب الناجحة في الدول الأخرى ، فلم يتم تحديد مسارات خاصة لأنواع من المركبات مثل الحافلات الكبيرة و الصغيرة و سيارات الأجرة ، و لم يتم تحديد مواقف خاصة بسيارات الأجرة و الحافلات الصغيرة ، و لا تكاد تجد لوحات توجيهية لحركة المرور ، و لا تحديد مسارات للتحميل و التنزيل ، و ليس هناك تنظيم يضمن تحديد الأجرة سواء بالعداد أو بالأحياء. ويترتب على ذلك فوضى عارمة بسبب وقوف سيارات الأجرة و الخصوصي في وسط الطريق و التفاوض على الأجرة ، و هو ما تسبب في إحباط الكثير من أفراد المرور. و هذا الأمر ينطبق على كل الجهات المحيطة بالمسجد الحرام بما فيها منطقة الغزة التي اتسعت بشكل كبير و أفسح اتساعها المجال لتحديد مسارات ، للمشاة و لتخصيص مواقف لسيارات الأجرة و الحافلات الصغيرة ، و أماكن للتحميل و التنزيل ، ولكن للأسف لم يتم سوى تحديد مواقف للحافلات الكبيرة ، و حتى عندما خصص مسار لها لم تُوضع لوحات تدل عليه و تمنع استخدامه من قبل المركبات الأخرى ، فأصبح ضعيفا ,إن لم يكن عديم الفائدة. أيضاً عدم ثبات خطة المرور يربك السائقين و يزيد الحركة و الزحمة في الشوارع ، ففي كل يوم خطة مختلفة ، فيوم يتم غلق طريق مؤدٍ للمسجد الحرام و يوم يتم فتحه. إن تخطيط الشوارع و تحديد المسارات و المواقف ومنع الوقوف إلاّ في المواقف المخصصة أو أماكن التحميل و التنزيل ، و تحديد أجور النقل العام بما فيه سيارات الأجرة لمنع ظاهرة التفاوض التي تعيق حركة المرور بشدة ، كل هذا سوف يدعم انسياب حركة المركبات بشكل كبير. فمتى نشهد إدارة للحركة أكثر كفاءة و فاعلية في المسجد الحرام و ما حوله؟ أرجو أن يكون قريباً ، و الله الموفق. 5/10/1433ه فاكس 5450077-02 Email: [email protected] [email protected]