رحبت دمشق أمس بتعيين الأخضر الإبراهيمي مبعوثًا جديدًا إلى سوريا خلفاً لكوفي أنان، فيما واصلت قواتها عملياتها العسكرية في مناطق عدة يسيطر عليها المقاتلون المعارضون ولا سيما في شمال البلاد. يأتي ذلك فيما أكد التلفزيون الرسمي أن نائب الرئيس فاروق الشرع «لم يفكر في أي لحظة بترك الوطن إلى أي جهة كانت»، بحسب بيان صادر عن مكتبه، نافياً بذلك معلومات تداولتها وسائل إعلام عدة عن انشقاقه وفراره إلى الأردن. وأضاف بيان الشرع أنه «كان منذ بداية الأزمة يعمل مع مختلف الأطراف على وقف نزيف الدماء بهدف الدخول إلى عملية سياسية في إطار حوار شامل لإنجاز مصالحة وطنية تحفظ للبلاد وحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية واستقلالها الوطني بعيداً عن أي تدخل عسكري خارجي». وكان بيان صادر عن قيادة الجيش السوري الحر أفاد بناء على توارد معلومات حول انشقاق الشرع وتوجهه إلى الأردن عن «أن العملية ربما باءت بالفشل». وفي بيان آخر، أعلنت القيادة نفسها أن «هذا النوع من العمليات على هذا المستوى لشخصيات كبيرة تدخل ضمن سلسلة إجراءات أمنية معقدة تتطلب الكثير من الحذر في تداول أية معلومات ولذلك نعلن أننا لا نؤكد ولا ننفي حتى هذه اللحظة الرواية الكاملة المتداولة حول انشقاق نائب الرئيس السوري فاروق الشرع». كما أعلن نائب وزير النفط السابق عبدو حسام الدين الذي أعلن انشقاقه عن النظام السوري في مارس الماضي أن «موقف الشرع معروف، منذ فترة يحاول الخروج من سوريا. هناك ظروف تمنعه خاصة أنه تحت الإقامة الجبرية منذ فترة». وأوضح عبدو أن جميع المسؤولين في النظام يخضعون لرقابة مشددة من قبل الأجهزة الأمنية لمنعهم من الانشقاق تحت ستار تأمين حمايتهم. الى ذلك اعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اثر زيارة مخيم للاجئين السوريين على الحدود التركية انه «يجب اسقاط النظام السوري وبسرعة»، منددا ب»التجاوزات» التي يرتكبها هذا النظام بحق المدنيين. وقال فابيوس للصحفيين «بعد الاستماع الى الشهادات المؤثرة لأشخاص هنا عندما نسمع ذلك وانا أعي قوة ما اقوله الآن: بشار الأسد لا يستحق أن يكون موجودًا». واتهم وزير الخارجية الفرنسي الرئيس السوري بشار الاسد بالقيام ب»عملية تدمير شعب». وفي لقاء مع الصحفيين بعد ذلك في انقرة مع نظيره التركي احمد داود اوغلو حذر فابيوس من مخاطر مرحلة ما بعد الاسد وقال: «يجب العمل على استبدال هذا النظام والعمل في الوقت نفسه على ان يتم هذا الاستبدال في ظروف تحت السيطرة. لا نريد ان تأتي فوضى بعد الوضع الحالي». ودعا الى تحرك عاجل لانهاء الازمة وقال: «الوقت الذي يمر هو للاسف وقت يستخدمه بشار الاسد في قصف شعبه». من جانبه ندد داود اوغلو بصمت المجتمع الدولي حيال «الجرائم ضد الانسانية» التي ترتكبها القوات النظامية في سوريا. على صعيد آخر أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي عن أمله بنجاح المبعوث الجديد للأمم المتحدة والجامعة العربية لسوريا الاخضر الابراهيمي في مهمته الدقيقة نظراً لما يحمله من خبرة سياسية كبيرة في التعامل مع القضايا والأزمات الإقليمية، واصفا إياه بأنه أحد القامات العالية في العمل الدبلوماسي في العالمين العربي والدولي.وشدد الدكتور العربي في بيان صحفي امس على أن نجاح الإبراهيمي في مهمته بوقف العنف الدائر في سوريا وحقن دماء الشعب السوري البريء وتحقيق مطالبه المشروعة بالانتقال السياسي السلمي إلى نظام ديمقراطي سليم ينعم فيه بالحرية والعزة والكرامة, لن يتأتي إلا بتضافر جميع الجهود الإقليمية والدولية وبخاصة في مجلس الأمن ودعمها الكامل لتلك المهمة. وأوضح البيان أن الأمين العام لجامعة الدول العربية وسكرتير عام الأممالمتحدة سيلتقيان بالأخضر الإبراهيمي قريبا للتباحث حول سبل إنجاح مهمته وضمان حشد الدعم اللازم له للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يضمن تحقيق انتقال سياسي سلمي استنادا إلى القرارات ذات الصلة لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والتوافق الذي تحقق على مستوى مجموعة العمل الدولية التي اجتمعت في جنيف في 30 يونيو الماضي. وأعلنت بريطانيا «الدعم الكامل» لتعيين الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي موفدا دوليا خاصا الى سوريا، ودعت المجتمع الدولي الى القيام بالمثل. وقال سكرتير الدولة للشرق الاوسط وافريقيا الشمالية اليستير بورت: «ان بريطانيا تدعم بشكل كامل تعيين الابراهيمي وتشيد بالخبرة الواسعة التي سيقدمها الى هذ الدور المهم للبحث عن حل سياسي ينهي العنف في سوريا». ميدانياً، أسفرت أعمال العنف أمس عن مقتل 64 شخصا بينهم 22 مدنيا و24 جنديا و18 مقاتلا. ويضاف إلى هذه الحصيلة عشرات الجثث لرجال مجهولي الهوية عثر عليهم في منطقة التل (ريف دمشق) التي تعرضت للقصف خلال الأيام الفائتة و23 قتيلا سقطوا في وقت سابق وعثر على جثثهم أمس الأول، كما عثر الخميس الماضي على 65 جثة مجهولة الهوية في قطنا وثلاث جثث أخرى مجهولة الهوية في منطقة البساتين بين داريا ومعضمية الشام، بحسب المرصد ايضا. الشرع.. هل طار من عش بشار فاروق الشرع سياسي ودبلوماسي تقلب في عدة مناصب وتقلد مسؤوليات مختلفة، حيث ولد بدرعا في العاشر من ديسمبر عام 1938، وتخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية في جامعة دمشق عام 1963. وفي عام 1972 غادر دمشق ليكمل دراسته في جامعة لندن حيث درس القانون الدولي، لكنه بدأ مسيرته المهنية في شركة الطيران السورية عام 1963 حتى عام 1976 حين عين سفيرا في روما، وقضى في منصبه هذا ما يقارب أربع سنوات، ليتم تعيينه عام ألف وتسعمئة وثمانين وزيرَ دولةٍ للشؤون الخارجية وبعدها بأربع سنوات عين وزيرا للخارجية. ومنذ ذلك الحين حتى عام 2006 ظل في هذا المنصب ليصدر الرئيس السوري بشار الأسد قرارا بتعيينه نائبا لرئيس الجمهورية خلفا لعبد الحليم خدام الذي أعلن انشقاقه عام 2005. نائب الرئيس السوري. شغل منصب وزير الخارجية منذ 1984 ويعتبر من السياسيين المفضلين للرئيس السوري حافظ الأسد وأحد العوامل الأساسية في اتخاذ القرار السياسي في سوريا أثناء حكم خلفه الرئيس بشار حينما تم تعيينه نائبا للرئيس. الشرع متزوج من سيدة مثقفة وكانت تشغل منصبا في وزارة الخارجية السورية ثم تفرغت بعد تسلمه وزارة الخارجية. وللشرع ولد وبنت وابنه مضر طيار مدني. ويقال ان له الدور الأبرز والأساسي في توقيع ما يسمى «تفاهم نيسان» بين «إسرائيل» وحزب الله برعاية فرنسية، ولكن يؤكد قسم كبير من اللبنانيين أن رفيق الحريري -رحمه الله- هو من دعا إليه.