للأعياد في حياة الأمم أثر كبير، فهي مناسبات اجتماعية، تتيح للناس أن يتوقفوا عن أعمالهم، ولو لساعات عديدة، يتزاورون ويتهادون، ويقبل بعضهم على بعض بالتهاني، ويرتفع نصيب السرور لديهم في أيام الأعياد عن غيرها من الأيام، والعيد لغةً واحد الأعياد، وهو مأخوذ من العود وهو الرجوع والتكرار، فهو اسم لكل ما يعتاد ويتكرر، والأعياد أنواع منها ما يعود لمناسبات وطنية أو اجتماعية أو فردية، وما يعود لمناسبات دينية وهي عندنا في الإسلام ثلاثة أعياد الأول منهم أسبوعي، هو يوم الجمعة، ثم عيدان سنويان هما عيد الفطر، وعيد الأضحى، فقد قال سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- عندما نهى جاريتين كانتا تضربان بالدف عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (دعهما أبا بكر فإن لكل قومٍ عيدًا وهذا عيدُنا)، ويوم الجمعة مبدأ خلق آدم -عليه السلام- ومبدأ خلق عموم الإنسان، وقد قيل: إن يوم الجمعة يوم آدم، ويوم الاثنين يوم محمد.. عليهما أفضل الصلاة والسلام، فالأول آدم خلق يوم الجمعة، والثاني محمد -صلى الله عليه وسلم- ولد يوم الاثنين، وعليه فيه أنزل القرآن الكريم، وكان أيضًا يوم وصوله إلى المدينة، احتفى النبي -صلى الله عليه وسلم- فصامه وندبنا لصيامه، وعيد الفطر يأتي بعد صيام شهر رمضان المبارك، ليفرح المسلم ويشكر ربه على إتمام هذه العبادة الجليلة «الصوم»، فهذا يوم الجائزة من الله لعباده، يطلع عليهم وهم ذاهبون إلى مصلى العيد، يفاخر بهم ملائكته، فرحوا بفطرهم، وفرحوا بثواب ربهم، الذي ينتظرونه بعد إتمام صيامهم الشهر، وفي هذا اليوم أبان الله لعباده أن يظهروا الفرح به، فهو يوم من أيام الله التي أمر أن يفرح بها كل مسلم، ولا يجب أن نصطنع من القيود ما يذهب بهجة العيد، فأيامه من أيام الفرح العظيمة في حياة الناس، وحياتهم لا يمكن أن تكون كلها جادة، فسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نبهنا إلى أن القلوب تمل، وأنها تصدأ كما يصدأ الحديد، وأمرنا أن نروح عنها ساعة بعد ساعة، وكان عليه الصلاة والسلام يتخوّل أصحابه بالموعظة خشية أن يملوا، وما كانوا يملون حديثه وإن تواصل الليل مع النهار، ولكنه يؤدبنا بهذا، فلا بأس بالاحتفالات البريئة التي تدخل على الصغار والكبار السرور، في أيام العيد، خاصة في هذا الزمان الذي تكاثرت فيه الأكدار على الناس في جميع الأزمنة، وكل الأمكنة، التي يعيش فيها المسلمون، وهم في أمسّ الحاجة اليوم إلى ما يفرج عنهم الضيق، لا أن يزيد أسبابه وأسباب الأكدار عليهم، فقد غابت البسمة عن شفاه أكثر الخلق في هذا الزمان؛ لما يلقون في حياتهم من عنت شديد، ومثل هذه الأيام -أعني أيام الأعياد- إذا شحنت بكل ما يسر من الاحتفالات المبهجة أعانت الناس على تحمّل مشاق الحياة وأكدارها، وأعادتهم إلى أعمالهم موفوري القوة والنشاط، يزاولون أعمالهم بإقبال شديد، فكل عام وأنتم بخير، ونسأل الله أن تزول عن المسلمين كل أسباب الضيق والكدر، وأن تتسع أزمنة الأفراح لكل المسلمين وفي سائر أقطارهم، خاصة منها ما كان فيه قتال كسوريا وأفغانستان والعراق، فاللهم يا عظيم أزل عن إخواننا كل أسباب الشقاء، وانصرهم على أعدائهم نصرًا مؤزرًا بأسرع وقت، فقد وعدتهم به وأنت خير من وفى بوعده، وأعاد الله علينا وعليهم هذه المناسبة وكل المسلمين في خير حال، قد حقق الله لهم كل ما يأملون، إنه سميع مجيب. ص. ب: 35485 جدة 21488 فاكس: 6407043 [email protected] [email protected]