الأمير الشاب، الفارس الخلوق عبدالله بن متعب هو أحد فرسان منتخب الذهب الذي حقق الميدالية البرونزية في دورة لندن الأولمبية في ثاني مشاركة أولمبية له، التقيته بعد صلاة الفجر، ونحن على سجادة الصلاة، ودار بيننا هذا الحوار الذي كشف لنا فيه عن اصعب اللحظات التي مر بها قبل الدورة، وعلاقته بالملك، والخيل، وزملائه الفرسان، ونظرته الى الغد في حوار طابعة الصراحة، والبساطه، فإلى هذا الحوار.. * مبروك أولا برونزية لندن الأولمبية.. هل كان ذلك يمثل تحديا بالنسبة لك؟. - الله يبارك فيك وفي كل من هنأ وبارك هذا الانجاز والذي كان يمثل تحديا لجميع الفرسان وللقائمين على الفريق لان كل شيء كان متوفرا لنا، وبقي الدور على الفرسان داخل الميدان. * وكيف كانت المنافسة داخل الميدان؟. - المنافسة كانت صعبة غاب من خلالها فرسان وفرق أكثر قوة واستعدادا وامكانيات من الفريق السعودي عن منصة التتويج، والمراكز المتقدمة في الدورة، ولا ننسى في غمرة الافراح توفيق الله سبحانه وتعالى لنا كفرسان سعوديين في هذه الدورة. * من كان اول من هنأك بالفوز؟. - سيدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز متعه الله بالصحة والعافية الذي طلب نقل التهنئة لجميع الفرسان فردا فردا وقال (ما قصرتو)، ثم والدي ووالدتي حفظهما الله. *ما مدى تأثركم بالضغوط التي مورست على الفريق السعودي قبل بدء الدورة عبر وسائل الاعلام البريطانية خصوصا، وقرارات الايقاف بحق العيد والشربتلي؟. - كنا ندرك تماما أبعاد ومقاصد تلك هذه الحملات التي كانت تهدف الى النيل من معنويات واستعدادات المنتخب والتثبيط من عزائمة، لكننا توكلنا على الله، خاصة أنهم نجحوا الى حد ما في التأثير على القضاة بايقاف خالد وعبدالله لكن الحق ظهر ورفع القرار وحضرنا بقوة في هذه الدورة. * كنت أكثر الفرسان تحملا للضغوط.. فكيف تخلصت منها، لتقدم ذلك الأداء المميز في الدورة؟. - الحمد لله أولا وأخيرا على التوفيق، والفضل بعد ذلك لسيدي خادم الحرمين الشريفين موجهي الأول ثم سيدي الأمير متعب بن عبدالله الذي كان لهما الأثر الكبير لانهما أهل خيل ويعرفان اسرار المنافسات وظروف الخيل، فانا دخلت الدورة بعد فترة إعداد قصيرة جدا لا تتجاوز الثلاثة اشهر وهي فترة قصيرة جدا للحصان نوعا ما، وبالنسبة لي هي الفترة الاقصر بين فرسان الدورة، والسبب في ذلك وجود حصان واحد كنت حريصا عليه الى أبعد الحدود حتى إنني كنت انسحب من نهائيات بعض البطولات خوفا على حصاني رغم أنني متأهل، وذلك بعد اصابة فرسي الثانية، ويبدو لي ان قصر فترة الاعداد كانت خيرا من الله. * ماذا قال لك الملك قبل الدورة؟. - أوصاني بالتوكل على الله في كل خطوة والاخذ بالأسباب، لأن ما يحدث بعد ذلك هو شيء مقدر بالنسبة لنا كمؤمنين، وهنا اجزم القول: إن ما تحقق لنا في لندن هو بدعوات الوالدين وكل الناس المحبين في المملكة وفي بلاد العالم. * الى اي مدى انت راض عن نتائجك حتى الان؟. - كان الهدف هو تحقيق نتيجة جماعية في هذه الدورة والحمد لله تحقق المراد وخرج الفريق بميدالية برونزية لتضاف لانجازات هذا المنتخب الذي اعتاد على صعود منصات التتويج ورفع علم المملكة خفاقا منذ نشأة الاتحاد حتى اليوم واقربها الى ذهبية الالعاب الاسيوية بالصين، والالعاب العربية في الدوحة، وبطولة العالم في كندا. *بعد هذه النتيجة ما هو المطلوب من الفروسية السعودية؟. - الفروسية السعودية جاهزة لأداء دورها في تمثيل الوطن في كل مكان وزمان ولدينا صف ثانٍ، وثالث من الفرسان ينتظرون الفرص التي اتيحث لهذا الفريق وفي سنوات قليلة سيكون في مستوى الفريق الحالي وافضل بشيء من الخبرة والتحضير الجيد، هذا الاستعداد يجب ان يوازيه دعم يوازي الدعم الذي لقيه المنتخب، ويصرف على الانشطه المحلية لتوسيع القاعدة واتاحة الفرص أمام أكبر عدد من الشباب لامتطاء صهوات الجياد لكي تكون هناك استمرارية، كما اتمنى ان يحصل الفرسان الشباب على فرصة اكبر للمشاركة في الدوري العربي وفي البطولات الاسيوية ليكون بمثابة الاعداد لهم لتوسيع القاعدة، ولا يكون اعتمادنا على مجموعة واحدة. * قبل انطلاقة الدورة كان فرسان المنتخب الستة في جاهزية واحدة، وكانت المستويات متقاربة جدا، إلى أي مدى خلق هذا نوعًا من التحدي بينكم؟. - كان يوجد تنافس شريف بين الفرسان لنيل فرصة تمثيل الوطن في هذه المشاركة، فمن كان خارج القائمة كان مع الفريق في الدورة لاننا نتعامل باخلاق الفرسان، نصوب اخطاء بعض، ونساعد بعض، وقلوبنا على بعض كاسرة واحدة ولله الحمد، ولم ولن نكون يوما في حلبة ملاكمة او مصارعة امريكية، ولو فتحت الباب لدخول مزيد من الفرسان لقائمة المنتخب لرأيت حوالي 15 فارسا في مستويات متقاربة. *ما الاستراتيجية التي وضعتها انت لنفسك كفارس؟. - في الفترات الماضية كنت أعمل على اكتساب الخبرة وفق برنامج خاص وخيل أقل كفاءة من الحالية لكنها كانت أكثر شجاعة، وتنقلت بين أكثر من مدرسة ومدرب حتى حققت الاستفادة المرجوة، حيث كان خالد العيد المشرف العام على برنامجي بين عامي 2002 - 2006 ثم بعد ذلك انتقلت للتدريب مع مدربي المنتخب حتى الآن. *اخترت الرياضة والفروسية طريقا لتمثيل الوطن، الى أين تريد ان تصل، وما هو الهدف المرسوم؟. - انا لم أخترها، وانما هي التي اختارتني، فانا نشأت في بيئة تحب وتعشق الخيل فعشت معها، ولعبت الصدف والظروف دورها في هذه الاستمرارية، حيث نشأ الاتحاد السعودي للفروسية برئاسة خالي الامير فيصل بن عبدالله بن محمد الذي شجعني على ممارسة الرياضة مع أعمامي، وأبناء أعمامي، فتسهلت الظروف بتوفر الدعم من لدن سيدي خادم الحرمين الشريفين، ووالدي الأمير متعب، ومعها تحققت الانجازات التي أتمنى لها الاستمرار لرفع اسم الوطن في كل محفل، وما اتمناه من الله أن أكون سببا في نشر هذه الرياضة والمساهمة في حماية أبناء وشباب وطني من الاخطار والافات التي تحيط بهم ليكون هناك ضمان بعد توفيق الله لاستمرارية الرياضه لاجيال قادمة. * ما رؤيتك في توسيع قاعدة اللعبة؟. - لابد من وجود شراكة بين القطاعين العام والخاص لما فيه مصلحة شباب الوطن وحمايته من الأخطار التي ذكرتها وذلك بدعم الانشطة الرياضية واحتواء الشباب، فالقطاعات العسكرية مثلا كانت أكبر المشجعين على ممارسة هذه الرياضة وهي التي خرجت لنا خالد العيد، فهد الجعيد، مشاري الحربي، مشعل الصاعدي، وفجأة توقفت، والقطاع الخاص ما زال مبتعدا لاسباب لا نفهمها أبدا مع ان هذا واجب عليه، في الوقت الذي أرى فيه الاندية الخاصة تبحث عن الاستفادة الوقتية على حساب المستقبل، كما انه من المؤسف ان هذا الفريق الذي حقق هذه النتائج ليس لديه مقر لاستضافة البطولات المحلية والدولية ويفتح المجال أمام اكبر عدد من الفرسان للالتحاق به، اذا ما توفرت هذه العوامل فسنكون مطمئنين على المستقبل بحول الله، الشباب سيجدون الفرص، والناس ستدخل عالم الانتاج، لاسيما اذا رفعت الجوائز وصار هناك رعاة للمسابقات المحلية مثل نادي الفروسية، وبالمناسبة اغلب الشباب المشاركين حاليا في البطولات المحلية شبه محترفين ويحتاجون الى شيء من الدعم لمواصلة المشوار. * لماذا يرى البعض ان الرياضة نخبوية؟. - هي في واقع الامر رياضة مكلفة جدا ولذلك لا يمارسها إلا المقتدرون الى أن ياتي من يهتم بها ويفتح المجال أمام الشباب لممارستها، ولو كان لدينا مشاركة فاعلة من القطاع الخاص كما هو حاصل في العالم مع كل الرياضات وليس الفروسية لرأيت الشباب السعودي بالآلاف على صهوات الجياد لان حب الخيل موجود في داخلنا كعرب ومسلمين، والرياضة المتطورة اصبحت صناعة لا يجني ثمارها إلا من أحسن وأجاد في الاعداد لها، واعتقد اننا في الطريق الى ذلك فقد بدأ لدينا الانتاج الذي سيستفيد منه الكثير، واتوقع ان يزداد الاهتمام بالرياضه بعد هذه النتائج ويتحسن الحال. * كيف نستثمر هذه الانجازات لمصلحة الرياضة؟. - الفرسان أدوا ما عليهم، وجاء دور المسؤولين ومحبي هذه الرياضة، ومن يستطيع ان يستفيد من ورائها، فهناك داعم محب للخيل، واخر محب للرياضة، فاذا تواجد هؤلاء، ومعهم القطاع الذي يجب ان يحدد ميزانيات جيدة سنصل ونحقق طموحنا، بل انني ومن خلال هذا المنبر اعد بتحقيق نتائج ترضي كل الناس اذا ما تم رفع قيمة الجوائز، وتفعيل دور القطاعات العسكرية والتي كانت الداعم الأول، نحن كفرسان مستعدون لتقديم كل ما يطلب منا، لكننا لا نستطيع وحدنا عمل شيء، فلابد من تكاتف الجهود في هذا الصدد ضمن خطة واضحة نسيرها خطوة بخطوة، ومن حسن الحظ أن الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد رئيس مجلس أمناء الفروسية هو وزير التربية والتعليم حاليا. * خطوت خطوة للأمام في دعم الرياضة باحتضانك بطولة للوطن، هل حققت البطولة أهدافها، وما هي الخطوة الثانية؟. - استمرار هذه البطولة أطول فترة ممكنة من الزمان، وان تتضاعف جوائزها، وهي الأغلى في الجوائز على مستوى المملكة، واستفاد منها كثير من الفرسان، لاسيما اننا ادخلنا تعديلات على بعض الأنظمة، وحددنا المستويات حتى يأخذ الجميع الفرصة، وبسبب البطولة صار هناك ارتفاع لاسعار الخيل في فترة البطولة كدليل على قوتها وفاعليتها، وامام ارتفاع هذه الأسعار عمد البعض الى استئجار الخيل والمشاركة بها وهذا لا يحدث في أوقات السنة العادية، وانا اتمنى وجود أكثر من بطولة لتضاف للوطن والى دوري أخي الامير بدر بن محمد والذي يساهم بفاعلية في نشر الفروسية وتوسيع قاعدتها، ففي بطولة الوطن كان هناك فرسان يشاركون في المستوى للمبتدئين، ثم تطور الاداء الى المتوسط والعالي واصبحوا منافسين اقوياء، كما لا يوجد في البطولة خاسر، وما يميز البطولتين ان كل واحدة منهما بافكار مختلفة لكسر الملل لدى الجماهير، والفرسان. *بعيدا عن الفروسية، ما هو تقييمك للمشاركة السعودية في دورة الألعاب الأولمبية، وكيف نرتقي بمستوى شبابنا؟. - لنكون واقعيين الألعاب الرياضية الاخرى تحتاج الى دعم كبير لإعداد الأبطال لأن الشباب لديهم الموهبة الرياضية ووصول بعضهم الى النهائيات دليل على ذلك، وبالنسبة للفروسية نتطلع الى ان يكون لدينا فريق لمسابقة الايام الثلاثه، والترويض، وهذا لن يتحقق الا اذا كانت لدينا نشاطات محليه لهذه الالعاب، البداية من الداخل، ويكون اجهزة فنية وبيطرية لانها حلقات مترابطة. * هناك من يرى أن حضورك مع المنتخب جاء متأخرًا.. فما هي الأسباب؟. - لم يكن متأخرًا فأنا مع الفريق منذ حوالي عشر سنوات وكنت أصغر فارس ينضم للمنتخب، وأنا ضمن الجيل الصاعد عبدالله شربتلي، فيصل الشعلان، وكان معنا، الامير نايف بن تركي، بدر مسفر، فوزان المقاطي وآخرون كثير لم يستمروا لظروف مختلفة، وفي فترة من الفترات كانت الدراسة تحد من تواجدي مع المنتخب وحتى في ركوب الخيل الذي كان محددا باجازة نهاية الاسبوع باتفاق مع الوالد والوالدة، وبعد انتهاء الدراسة تفرغت للخيل. * كيف تنظر للغد؟. - إن شباب بلادي وهم يتجهون الى الألعاب الأولمبية، ولاسيما الألعاب الفردية، ليكونوا خير سفراء لوطنهم ففي داخل كل واحد منا موهبة يجب ان تكتشف، وتستثمر، لأن هذا سيجنبهم المخاطر مثل المشاكل النفسية، المخدرات، وغيرها، فالرياضة بعد حماية الله لهم هي المجال الانسب لتفجير الطاقات وشغل أوقات الفراغ بما هو مفيد ومهم لهم بما يرضي الله سبحانه، فحركة الشباب انخفضت إلى أدنى درجة، الوقت ينفق على لعب البلاي ستيشن، والقنوات التلفزيونية، وأن يجدوا الدعم الكافي لممارسة هواياتهم التي ستتحول الى احتراف يتطلب من الشباب الصبر، والتضحية، وادراك ان الطريق ليس مفروشا بالورود. * كل رياضة فيها ابتسامات ودموع، ولاشك أنك عشتها، حدثنا عنها؟. - اووووه كثير، كثير.. ومن اصعب اللحظات التي مرت فيها قبل الاولمبياد، فقد كنت خائفا من كل شيء على حصاني دافوس لانه الوحيد الذي عندي، فكنت مع هطول الامطار حتى لو كانت خفيفة انسحب من الشوط وحتى من نهائيات الجوائز الكبرى خوفا على الحصان واعطاءه الراحة الكاملة، في نفس الفترة حدثت لي اصابة التواء في المفصل، وتورم في القدم وانا اتدرب مع الحصان في المانيا، وكنت اتدرب وانا مصاب، ولم يكن احد يعرف بالمشكلة ابدا وهذا سر اكشفه لاول مرة، لاني لو افشيته في السابق كنت ممكن امنع من المشاركة في الدورة. في الأولمبياد كان هطول الأمطار متواصلا، فما تأثير ذلك عليك؟. - المطر عندنا خير، لكن هنا كان يزيد من صعوبة الرؤية، لكنني كنت اتذكر فرحة سيدي خادم الحرمين الشريفين عندما يبشرونه بهطول المطر بالرياض، فتخيلت نفسي تلك اللحظات في الرياض وفرحة والد الجميع بالمطر.