دعا "الميثاق العالمي لحقوق الإنسان" (عام 1948) إلى التزام المجتمعات ب "حق الشخص في مستوى معيشي كافٍ للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، بما في ذلك العناية الطبيّة" (بند رقم 25). في هذا السياق، أذكر أثناء دراستي في دولة كندا، حالة رجل "مُتشرّد"، تمّ نقله بالإسعاف في حالة خطرة، استدعت دخوله العناية المركزة، ثم خضوعه لعملية جراحية عاجلة، واستكمال علاجه على نفقة الدولة، حيث لم يُحرم من تلَقّي الرعاية الطبية المُتخصّصة والمتكاملة لأنه فقير، أو مُدمن مخدّرات، بل تمّ التعامل معه بوصفه إنسانا، بغض النظر عن عِرْقه أو مركزه الاجتماعي، أو ديانته أو مذهبه، فالقانون يُجرّم من قد يستخدم تلك الأمور ذريعة لحرمان أي شخص من العناية الطبيّة العاجلة. وقد رصد التقرير الثالث ل "الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان" (1433 ه)، عددا من الملاحظات على الخدمات الصحيّة التي تحرم بعض أفراد المجتمع السعودي من حقّهم في الرعاية الصحية منها: "قلّة التجهيزات وضعف الكوادر الطبّية، وتأخّر المواعيد، واستمرار المستشفيات في رفض الحالات الطارئة، وضعف التنسيق بين القطاعات الصحية، وقِلّة الأسِرّة، إضافة إلى ضعف تأهيل الكوادر الإدارية، وارتفاع نسبة الأخطاء الطبية، وافتقار قطاع الصحّة إلى استراتيجية واضحة، حيث تتغير الخطط بتغير المسئولين في الوزارة" !!. من الحُلول المطروحة لتحقيق شعار "الصحّة للجميع"، تفعيل التأمين الطبّي الشامل لضمان تقديم خدمات صحيّة أوليّة ومُتقدّمة، بشكل يُراعي الدّخل الفردي، ومستوى المعيشة، وتطوير الخدمات المجّانية كالرعاية الأوّلية، وأنظمة التحويل إلى المستشفيات العامة والتخصّصية، إضافة إلى سرعة تنفيذ أمر الملك عبدالله بن عبد العزيز (عام 1427 ه) بالسّماح للكوادر السعودية بالعمل في القطاع الصحي الخاص، خارج وقت دوامهم الرسمي، لمحاولة سدّ النقص الكبير في الكفاءات الصحية، والارتقاء بالخدمات الطبية في جميع القطاعات، فضلا عن تكريس دور الرّقابة على الإدارات الطبّية والتشغيلية، والمُمارسين الصحيّين، وأنظمة تحفظ كرامتَهم وحقوقَهم، لضمان جودة الأداء، فصحّة الإنسان، لاتقبل أنصاف الحلول، ولا تحتمل المماطلة. وأختم بما أوصت به الجمعية في تقريرها: "تمكين كُلّ المواطنين من الحصول على العناية الصحيّة في المكان المناسب، في الوقت المناسب، وبالجودة المناسبة". [email protected] [email protected]