يُذكر أن بعض العلماء أجروا تجربة على ضفدعة، حيث قاموا بوضعها في إناء به ماء يغلي، فقفزت الضفدعة عدّة قفزات سريعة تمكّنها من الخروج من هذا الجحيم الذي وضعت فيه.. لكنهم عندما وضعوا الضفدعة في إناء به ماء درجة حرارته عادية، ثم أخذوا في رفع درجة حرارة الماء وتسخينه إلى أن وصل إلى درجة الغليان، وجدوا أن الضفدعة ظلت في الماء حتى أتى عليها تمامًا، وماتت دون أن تحاول أدنى محاولة للخروج من الماء المغلي.. وهكذا تبيّن للعلماء بأن الجهاز العصبي للضفدعة لا يستجيب إلاَّ للتغيّرات الحادّة.. أمّا التغيّر البطيء فلا يستجيب له!! لذا فإننا نجد أن التغيّر عندما يأتي فجأة يُواجَه بالرفض والنفور في أغلب الأحيان، وعندما يأخذ وقتًا طويلاً ومتدرّجًا فإن أثره يظهر على المتلقي ولو بعد حين.. فالضفدعة المسكينة ماتت بسبب عدم شعورها بالتغيّر البطيء لدرجة حرارة الماء، ففقدت حياتها.. أعتقد بأننا سنكون مثل هذه الضفدعة، لا نشعر بالتغيّرات التي تحدث حولنا، ولا نهتم بها، ونفاجأ بين فترة وأخرى بتغيّرات هنا وهناك.. ومن أساليب التأثير المتدرّج، تأثير الرسالة الإعلامية.. فمع مرور الوقت نتشبّع بأفكار ومفاهيم تبثها وسائل الإعلام بين الحين والآخر عن أسلوب الحياة، والتطوّر، والتحرّر، وغيرها ضمن مفاهيم غربية لا تمتُّ لنا بِصِلَةٍ، ثم نُفاجأ بأن أبناءنا تمثّلوا بها.. ومثال ذلك بعض الحركات، والتصرّفات، والملابس، وغيرها والتي نراها ظاهرة، وما خفي كان أعظم.. فالتغيّر الشكلي يُعدُّ مظهرًا فقط، لكن إذا لامس المعتقد، أو الفكر؛ فإنه يكون أخطر، وقد يؤدّي إلى ضياع الفرد والمجتمع.. فمن الجميل أن يعي المرء هذه التغيّرات، وإن صغرت، فإنها -وبلا شك- سوف تكبر مع مرور الزمن.. وهذا ما منع الضفدع من الفرار بجلدها عندما وضعت في ماء فاتر، ثم أخذ بالسخونة تدريجيًّا!! [email protected]