قال خطيب جامع أم الخير الشيخ صالح بن محمد الجبري أننا تعلمنا من ديننا أن المال هو مال الله، حيث قال تعالى «وآتوهم من مال الله الذي آتاكم» وأن المال هو فتنة واختبار للعبد «إنما أموالكم وأولادكم فتنة» فالمؤمن الصادق يطلب المال لينفق منه على أقاربه، ويصل به أرحامه، ويكرم به جيرانه وينفق منه في سبيل الله لرفع راية الإسلام وإعزازًا لكلمة الله. نعم هكذا يتصرف المؤمن الصادق في إيمانه، والمؤمن إذا اغتنى أصلح في الأرض لا يفسد، وأحسن إلى الناس لا يسيء، ولا يسرف ولا يبذر لأنه يعلم أن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورًا فإن المسلم يعد نفسه وماله لله، فإذا رأيت مسلمًا وهو على عكس هذه الصفات من هذا النوع المفسد المبذر الجامع للحرام، الشره، المختلس، المرتشي، المتكبر، فأعلم أنه مسلم مزيف، وأعلم أنه سبب مصائب المسلمين، وحاول أن تتجنبه وأن تبتعد عنه لأن قربك منه مهلكة لك وضياع وخسران. ولو أن المسلمين فكروا بأن يواسوا إخوانهم، ويعالجوا جروحهم ويدخلوا البسمة على الأيتام والأرامل وكبار السن والفقير والمسكين والملهوف وذي الحاجة، فإنهم برحمة بعضهم لبعض، تنزل عليهم رحمات الله سبحانه لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» ويقول صلى الله عليه وسلم «أحب الأعمال إلى الله عز وجل، سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربه، أو تطرد عنه جوعًا أو تقضي عنه دينًا». وطلب الجبري بقراءة تاريخ سلفنا الصالح لا من أجل التعرف على كيف كانت عباداتهم فقط فهذا معلوم ولكن لتعلموا كيف كانت معاملاتهم، ورحمتهم ببعضهم لبعض كيف كانت المواساة، كيف الإخاء والأمثلة في هذا كثيرة أثناء الحروب الصليبية، أرسل النساء في دمشق شعورهن لخطيب المسجد الكبير وقلن له هذه شعورنا بيعوها وأنفقوا الأموال في سبيل الله وقولوا لنا إذا لم يكن في الرجال كفاية فإن عند النساء استعداد للجهاد في سبيل الله فلما قال الخطيب ذلك وأظهر شعور النساء كأن الناس قد ركبتهم حمى، فقاموا كلهم مكبرين مهللين مندفعين إلى أرض المعركة ولم يتأخر منهم أحد، من أجل نصرة إخوانهم المسلمين. إن إخوانكم المسلمين المحتاجين الفقراء والمساكين واللاجئين في الشام يحتاجون إلى عونكم ومواساتكم فلا تبخلوا عليهم وأنفقوا مما رزقكم الله.