في المقالين السابقين تمت الاشارة إلى قول الله تعالى: (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل واعناب تجري من تحتها الانهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون) (البقرة 266)، وذكرت أن هذه الآية الكريمة تضمنت خمسة توجيهات تربوية ، وذكرت التوجيه الأول والثاني والثالث ، وفي هذا المقال أذكر التوجيه الرابع وهو: الحذر من انفاق المال في غير ما شرع الله تعالى. ويجب على الانسان المسلم أن يحذر كل الحذر من التبذير والعبث بماله ، إما بانفاقه في ما لا يرضى الله تعالى ، بأي لون من ألوان العبث والمجون ، من شرب خمر ، أو لعب ميسر، أو ارتكاب فواحش ، كما قال تعالى: (إن المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً) (الاسراء 27). ويقول - ابن كثير رحمه الله - أي: في التبذير والسفه ، وترك طاعة الله ، وارتكاب معصيته ، ولهذا قال: (وكان الشيطان لربه كفوراً) ، أي: جحوداً ، لانه أنكر نعمة الله عليه ، ولم يعمل بطاعته ، بل أقبل على معصيته ، ومخالفته. وقال سيد قطب - رحمه الله - ان المبذرين اخوان الشياطين ، لانهم ينفقون في الباطل ، وينفقون في الشر ، وينفقون في المصعية ، فهم رفقاء الشياطين وأصحابهم (وكان الشيطان لربه كفوراً) لا يؤدي حق النعمة ، كذلك اخوانه المبذرون لا يؤدون حق النعمة ، وحقها ان ينفقوها في الطاعات والحقوق ، غير متجاوزين ولا مبذرين. ويجب أن يحذر الانسان المسلم اذا سلم من هذه المعاصي المحسوسة ، ان ينفق امواله رياء للناس ، أو يتبع ما أنفق مناً ، أو أذى ، لان كل ذلك يمحق بركة المال ، وقد يكون سبباً في انحراف أهله ، وذريته ، وهذا ما لا يتمناه ، أو يرومه عاقل حصيف.