أوردت وكالة "رويترز" تصريحات للمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية (يهودا فاينشتان) عَدَّ فيها المسجد الأقصى جزءًا لا يتجزأ من أراضي إسرائيل، ينطبق عليها القانون الإسرائيلي، وتلا ذلك إقدام 16 مستوطنًا إسرائيليًّا، و22 ضابطًا إسرائيليًّا على اقتحام المسجد الأقصى، والتجول في ساحاته وسط حراسة مشدّدة من الشرطة الإسرائيلية. ويأتي هذا الانتهاك للمسجد الأقصى وتدنيسه، وهذا التصريح (بأنه أرض إسرائيلية) مع بداية شهر رمضان المبارك، الذي تضج فيه المساجد في كل العالم بالصلاة، والدعاة، وترتيل القرآن الكريم إلاَّ الأقصى الجريح الذي حُرم من ترتيل آيات القرآن الكريم، ومن صلاة الليل، ومَرَّ هذا التصريح دون أن يُحدِث زلزلة في العالم الإسلامي، وهو أجرأ ما صدر عن سلطة الاحتلال، ولم تكن لتجرؤ عليه لولا حالة التشرذم والاضطرابات التي يمر بها العالم العربي على وجه الخصوص، بحيث شُغل كل بنفسه، ولم يحركه حتى هذا التصريح الجائر الذي ينبغي أن يستفز الشعور الإسلامي. قبل سنة أعلنت قوات الاحتلال أن إسرائيل دولة يهودية، بمعنى أن مَن لا يدين باليهودية لا إقامة له في فلسطين، وحاولت وما زالت تحاول إجبار الدول الداعمة لها على الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة اليهودية، ووصلت الآن إلى خطوة أجرأ بالإعلان عن المسجد الأقصى جزء من أرضها، تطبّق عليه قوانينها، وهي خطوة قد يتلوها هدم المسجد لإقامة هيكل سليمان المزعوم، الذي حفروا الأنفاق تحت المسجد من أجل العثور على أي أثر يدعم تلك المزاعم فلم يظفروا إلاَّ بالخيبة والخسران، وتأكيد الحق الإسلامي. المؤلم أنه عندما أحرق اليهود المسجد الأقصى ضج العالم الإسلامي، ونتج عن ذلك مولد منظمة التعاون الإسلامي، ولم نسمع إلاَّ استنكارًا محدودًا لهذا التصريح الذي تجاوز اغتصاب أرض فلسطين من مهجرين من العالم إلى الاعتداء على أقدس ما في القدس بأنه جزء من الأرض المغتصبة، ثم شفع ذلك بأن تطأه أقدام المستوطنين، وضباط الاحتلال الرسميين، وليس متشددين من اليهود، وكما يكرر دائمًا عند مثل هذه الاعتداءات. عندما دنّس أريل شارون المسجد الأقصى بالتجوّل فيه، صاح شعب فلسطين وولدت الانتفاضة المباركة التي أذهلت العالم من شعب يعيش بين الحصار والقتل والأسر والطرد وتكسير العظام، فهل تدنيس هؤلاء لحرمة المسجد الأقصى أقل من تدنيس شارون؟! وهل عّدُّ الأقصى جزءًا من إسرائيل لا يحرّك كوامن النفوس الإسلامية في شهر القرآن؟ مررتُ بالمسجد المحزون أساله هل في المصلى أو المحراب مَرْوَان؟! إن السكوت عن هذا التصريح، وعدم وجود ردة فعل غاضبة يدل على مستوى الضعف الذي وصل اليه العرب بخاصة، والمسلمون بعامة، فها هي الجرأة قد وصلت إلى عدِّ ثالث الحرمين ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم أرضًا يهودية، وهي سابقة لم يسبق لها مثيل، ومع هذا فإن النور ينبثق من الظلام، والنهار يطلع بعد الليل، ولئن خنع جيل ففي الأرحام أجيال، وفي الشعوب أبطال، وفي الغد آمال.