ذكر خطيب جامع أم الخير بجدة الشيخ صالح بن محمد الجبري في خطبتي الجمعة الماضية أن الدعاء عبادة من أكرم العبادات وأجلها، إذ فيها تتجلّى مظاهر التعبد ومعاني التأله، فهي إقرار بربوبية الله سبحانه يدفع المؤمن للإقرار بافتقاره إلى ربه وعبوديته له، وبهذا نفهم قوله صلى الله عليه وسلم الدعاء هو العبادة فإذا كان الدعاء على هذه المنزلة الرفيعة الكريمة فحريّ بمن يدعو ربه أن ينزه دعاءه عن الشوائب التي تخلّ بأدب الدعاء، وتكون سبباً في منع إجابته. ومن بين هذه الشوائب أن يتضمن الدعاء معاني محرمة أو مكروهة كسؤال الشئ للتفاخر والتكاثر والاستعانة بها على قضاء ما حرم الله من الشهوات. فالدعاء بالضلالة والغواية لا يجوز، كما لا يجوز الاعتداء في الدعاء حتى على الكفار ومن ذلك قول البعض اللهم عليك باليهود ومن هاودهم وهذا خطأ ظاهر لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هاود اليهود أي وادعهم وصالحهم فكيف يصح هذا الدعاء ؟ فالصحيح هو الدعاء على الظالمين والمعتدين منهم كأن تقول: اللهم دمر اليهود والنصارى المعتدين أو الظالمين أما أن تدعو على جميع الكفار بالفناء والهلاك فإنه إن تحقق ذلك فمعناه أنك عطّلت عقيدتي الولاء والبراء والجهاد في سبيل الله لأنه بهلاك الكفار لا يبقى لهذين الأمرين العظيمين مجال لتطبيقهما. ومن صور الاعتداء الدعاء بتعجيل العقوبة على النفس لماذا يتعجل المؤمن العقوبة وهو يقدم على مولى كريم قد يصفح ويعفو أصلاً بدون أن يعاقبه ففيه نوع سوء ظن بالله ، والاعتداء في ألفاظ الدعاء كأن يشتمل الدعاء على الشرك أو الدعاء على تصغير أسماء الله تعالى كأن يقول (يا رُبيّبي، يا حُنيّن، يا رُحيّم) أو أن يشتمل الدعاء على دعاء صفات الله فقل يا رحيم ولا تقل يا رحمة الله.