سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أيها الرَّسَّامون: أعتقوا حمامة السَّلام! اعتقوا حمامة السلام العربية من رسوماتكم، فنحن لا نكاد نراها – ضمن رسوماتكم- إلا مذبوحة، أو محبوسة، أو مجروحة، أو باكية، واعملوا على أن تستبدلوا بها ما يرمز للعزة والقوة؛
اشتَهر العربُ منذ القِدم بالقوة والشجاعة؛ كون بيئتهم الخليطة من البيئة الصحراوية والبيئة الجبلية أثَّرت فيهم تأثيرًا بالغًا على مستوى السلوك والثقافة، ووصل ذلك لمسميات الإنسان نفسه التي استعارها من بعض حيوانات وطيور بيئته ذات القوة والبطش والأنَفَة. لذلك نجد مسميات ك(الأسد والضرغام والنمر والذئب والفهد والصقر) لا تغيب عن منطوقهم؛ كونها أضحت أسماء (عَلَمية) لبعضهم، أو ألقابًا وكُنى تُزيِّن أسماءهم الحقيقية. ولأن الغَلَبة -وقتَها- كانت تميل لصالح العرب، نجدهم يُطلقون على أعدائهم مسميات الحيوانات التي عُرِفت بالدناءة أو التبعية. ها هو هارون الرشيد يخاطب ملك الروم (نقفور) ذات عزة وقوة عربية تولَّت فيصفه ب(الكلب) في رسالة وجهها إليه قال فيها:» من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور (كلب) الروم...إلخ». واليوم وقد دارت الدائرة على العرب لصالح أعدائهم الذين لم يرقبوا فيهم إلّا ًولا ذمة، نرى الحال قد تبدلت؛ فأصبح منتهى عزة العرب، وهدفهم النبيل أن يكونوا (سلميِّين) تجاه (الآخر) – بالطبع هُم أسود على بعضهم- فأمعنوا النظر في حيوانات بيئتهم فرأوا أنه لا يليق بهم أن يتلبسوا بلبوس الأسد ولا الذئب ولا الفهد؛ كون هذه الحيوانات عنيفة في سلوكها، وتحمل أسلحة الدمار في أنيابها وأظافرها، مما يعرِّضهم للوصم بالتطرف والإرهاب، حتى الثعلب الضعيف جسمًا لم يقربوه؛ كون عقله الذكي قد يحمل أفكارًا ماكرة تجاه (الآخر)! ثم نظروا للجمل فأُعجبوا بطول صبره وقوة تحمله، لكنهم يعلمون أنهم لو فكروا في الاعتزاز به فهذا يعني أن تهمة القابليَّة لتَحَمُّلِ المواجهة مع (الآخر) والصبر على الضر، قد تُطلَق عليهم، فصرفوا النظر عنه. فكَّر العرب وفكروا، ثم قرروا أن يكون خيارهم (الاستراتيجي) ورمزهم الدائم الذي لن يحيدوا عنه مهما كانت الظروف هو (الحمااامة)!! لم يصدقوا أنفسهم حين عثروا أخيرًا على مبتغاهم، فأخذتهم النشوة، وطاروا بمخترَعهم الجديد على وجه السرعة لعتبات (الآخر)؛ كي يُثبتوا له حسن نواياهم، وصدق توجهاتهم، ولكي يحظوا ببراءة اختراع تسجل باسمهم قبل أن يسبقهم قوم آخرون فيتبخر حلمهم الذي بذلوا من أجله الكثير والكثير. أنا هنا أسجل احتجاجي على حمامة السلام العربية، وأهمس في أُذن (الآخر) بأنَّ لحم هذه الحمامة -كما يذكر العارفون- ليس طريًّا، بل هو مجموعة عضلات، وهذا يعني أن هذه العضلات ترمز للقوة أيضًا، مما يعني أنها قد تكون بيئة خصبة لنمو بعض الخلايا (المتطرفة). لذا وجب على العرب التفكير جدِّيًّا في استبدال الحمامة بما هو أشد سِلمًا وطِيبةً منها، فليست هي مَن يُعبِّر عن هوانهم!! بقي لي رجاء أضعه بين يدَي رسامِي الكاريكاتير العرب، مفاده أن أعتقوا حمامة السلام العربية من رسوماتكم، فنحن لا نكاد نراها – ضمن رسوماتكم- إلا مذبوحة، أو محبوسة، أو مجروحة، أو باكية، أو فَزِعة، أو خانعة، أو متوسلة، أو مبهورة، أو طريدة –مع ملازمة غصن الذُّل – عفوًا (الزيتون) لمنقاريها الرقيقين، في تعبير صادق مؤلم عن حال العرب اليوم، واعملوا على أن تستبدلوا بها ما يرمز للعزة والقوة؛ علَّ حالة الوهن والخَوَر تتوارى عن أعين الأجيال العربية القادمة، فتتنشَّأ على ما يُحرِّك فيها معاني العزة والكرامة. [email protected]