الحمد لله حمدًا كثيرًا، إذ أطّل علينا نظام جديد لاستخراج الحقوق أخيرًا. إنه النظام الإليكتروني لتنفيذ الأحكام الحقوقية، وهو كما تقول صحيفة الرياض (27 يونيو) قائم على قاعدة بيانات حاسوبية تضم معلومات الحكم الصادر، ومنها بيانات المحكوم لصالحه والمحكوم عليه، ومضمون الحكم ونوعه، وكل إجراء يستجد عليه، مع ربط كل هذه البيانات بإدارات الشرط في كافة أرجاء المملكة. إنه باختصار آلية جديدة لتضييق الخناق على المحتالين والمماطلين، لكنها آلية أحسبها أكثر فاعلية من كل ما سبق من تعاميم وقرارات ..كلها ورقية طواها الزمان والمكان، ولم تفلح في تقليص حالات التهرب من سداد الحقوق إلاّ قليلاً جدًا. ويشير المحامي عبد الله الغفيص إلى أن النظام سيعمل حتمًا على تشجيع المواطن والمقيم على الاستثمار في السوق المحلية نظرًا لاطمئنانهم على استرجاع حقوقهم إذا استحوذ عليها الغير أو لم يسدوها في حينها. كلام جميل من الناحية النظرية، لكن لا بد له من دلائل واثباتات، وعليه لا بد لنا من الانتظار للحكم على مدى نجاعة هذا النظام. ولنأخذ مثلاً حالات التملص من أداء النفقة المفروضة على الأب لصالح أبنائه الذين يعيشون مع أمهم المطلقة. لنبدأ بإحصائية في مدينة مثل جدة بافتراض اتساع هذه الحالات فيها وتعددها، وبافتراض توفر البيانات لدى الجهات الحقوقية فيها، ثم ليبدأ العدادّ وليعلم الناس عن عدد الحالات التي أجبرها النظام الاليكتروني الحديث على دفع الحقوق الواجبة لفلذات الأكباد، فضلاً عن البعيدين والبعيدات. صحيح أن الأنظمة الإليكترونية الحديثة توفر البيانات المطلوبة بسرعة وكفاءة وتُحدّثها باستمرار وتوفر وقتًا هائلاً من المكاتبات والمراسلات والاستدعاءات، لكن الأهم من ذلك هو توفر العزيمة الجادة جدًا في جلب المماطل والمحتال إلى بيت النظام ليُنفذ فيه حكم القضاء فورًا أو يواجه خطوات عملية مؤلمة، ليس أولها السجن فحسب، وإنما تعطيل جميع أعماله التجارية وتعاملاته البنكية وحظر سفره وفصله مؤقتًا من وظيفته إن استدعى الأمر، وعلى أن يتم ذلك دون مرور شهور وشهور بل وسنوات أحيانًا. الأنظمة مهمة، لكن روح الأنظمة أشد أهمية، والعزم على إنفاذها بسرعة ودون تردد هو السر الأكبر وراء نجاحها. [email protected]