بكل اعتزاز وتقدير لابد أن نحتفل بالمدينةالمنورة ليس باعتبارها عاصمة للثقافة الاسلامية وحسب فهذه مجرد مناسبة قد تتحول مع الأيام لأن تصبح في سجل الأيام والمناسبات العالمية ويذهب رونقها وتخبو ذكراها إلا من بعض المعالم والملامح التي قد لا تغني ولا تسمن من جوع ، ولذلك كان علينا نحن أبناء هذه البلاد عامة وأبناء مدينة المصطفى الحبيب عليه الصلاة والسلام أن نفرغ كثيرا من جهودنا وتفكيرنا ووقتنا لنصنع من المعالم الفكرية والإعلامية ما يجعلنا نشعر بقيمة هذه البلدة الطيبة – على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم – وهي بدون شك تستحق كل ذلك وأكثر ، وسنجد من عامة المسلمين وخاصتهم من يقف بجوارنا مساندا وداعما ومشجعا لما تتمتع به المدينةالمنورة من مكانة خاصة في نفوسهم ومشاعرهم ، ويكفي دليلا على ذلك الكم الهائل من المؤلفات التي سطرها مجموعة من علماء الأمة شرقا وغربا وعبر التاريخ عن هذه البلدة الطيبة . ولأن مناسبة « المدينةالمنورة عاصمة للثقافة الإسلامية « على الأبواب فلابد من تسليط الضوء على بعض العناصر التي تشكل مكونات هامة في تاريخ المدينةالمنورة وهي التي بدأت منذ أول يوم دخل الإسلام فيه بوابة طيبة الطيبة ، وقد يعتبر الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه من أوائل الشخصيات التي لا ينساها التاريخ وقبل الهجرة النبوية الشريفة حيث كان مبعوث النبي الكريم إليها ليعلم الناس كتاب الله وكيف فتح الله به بوابات المدينةالمنورة للإسلام والمسلمين وبداية هجرة أهل مكةالمكرمة إليها ، ومن الطبيعي أن يكون النبي الحبيب عليه الصلاة والسلام في مقدمة ركب بناة الحضارة والثقافة الإسلامية بهذه المدينة الكريمة ، ومن ثم توالى قطار رواد هذه الحضارة الرائعة الذين انطلقوا منها نحو أقطار العالم لنشر الخير بين البشر وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون ومن تبعهم من أمراء الإسلام وعلماء الأمة مثل الإمام مالك إمام دار الهجرة وغيره من الذين بث علمهم وغمر الآفاق ، وكما يقول الشيخ عطية محمد سالم – يرحمه الله – أن بركة المدينةالمنورة عمت كل العالم من خلال العلماء ومؤلفاتهم وطلابهم الذين أخذوا عنهم ثم عادوا إلى أقوامهم ناقلين لهم ما تلقوه على أيدي علماء المدينةالمنورة . ولأن مناسبة « المدينةالمنورة عاصمة الثقافة الإسلامية « تاريخية فلابد من صنع ما يخلدها لتكون نبراساً لأبنائها وزوارها ولعامة المسلمين عبر الزمن القادم ، وماذا لو أمكن بناء مركز ثقافي علمي لسرد مسيرة هذه البلدة الطيبة عبر « بانوراما فنية « تحكي قصتها منذ فجر التاريخ وحتى اللحظة التي نعيشها من خلال رسومات ولوحات تصويرية وسرد صوتي يضع المشاهد أمام هذا المجد الرائع ليتعلم الجاهل وليعرف المتعلم ما يجهله عن المدينةالمنورة ، ومن ملامح تاريخ هذه المدينة الطاهرة بعض المؤسسات التعليمية التي سطرت بأحرف من ذهب صفحات من تاريخ التعليم فيها كدار الأيتام ومدرسة العلوم الشرعية وغيرها من المدارس والكتاتيب ، ناهيك عن المكتبات الشخصية والخيرية العديدة ومن أشهرها مكتبة عارف حكمت ، كما أن من الانصاف تذكر مدرسة الصحراء التي أسسها الإخوان علي وعثمان حافظ يرحمهما الله ، هذه بعض النقاط أردت نثرها بين يدي المشرفين على إحياء هذه المناسبة التاريخية التي يجب أن لا تفوت دون تسجيل موقف تاريخي نحو المؤسسات التي ذكرتها ومثيلاتها وكانت لها بصمات عميقة في تاريخ مدينة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام . [email protected]