بعد جمعة الغضب التي هزت أركان النظام السابق، لزم كل رموز النظام السابق مكاتبهم باستثناء المشير حسين طنطاوي الذي نزل التحرير، وطالب الثوار بالهدوء، واعدًا بأن كل الأمور سوف تسير نحو الأحسن.. لم يصدّقه المصريون في ميدان التحرير، أو خارجه! وبعدها بأيام رفض عرضًا من الرئيس السابق برئاسة الحكومة، أو تولّي منصب النائب، ورد على العرض بمطالبته بالتنحي، كما ورد في كتاب رئيس قطاع الأخبار السابق بالتلفزيون -آنذاك- عبداللطيف المناوي.. وبعد نزول قوات الجيش للميدان، وإعلان تنحي مبارك عن السلطة، رفعت مصر صور المشير، ولكن بعد مرور 18 شهرًا، اختلطت المشاعر، وتبدّلت المواقف، وفقد طنطاوي جزءًا كبيرًا من رصيده.. والبعض يتهمه بخيانة الثورة.. بعد أن كان حامى حمى الثورة.. والبعض الآخر يتّهمه بالتشبث بالسلطة.. لكنه بعد 48 ساعة ينتظر أن يسلم الحكم، ويترك للتاريخ الحكم عليه. محمد حسين طنطاوى (77 عامًا) ابن قرية أبو سمبل بمحافظة أسوان، أقصى جنوب مصر، وبالقرب من الحدود المصرية السودانية، يتسم ببساطة أهل النوبة التي عاشت بداخله منذ ولادته في 31 أكتوبر من عام 1935، وظل حريصًا على الارتباط بأهل النوبة حتى بعد تخرجه في الكلية الحربية عام 1956، حيث عاش في حي عابدين معقل تجمع النوبيين، الذين تركوا ديارهم كارهين بعد إنشاء السد العالي، وشجّع نادي الزمالك، الذي يعشقه معظم أبناء النوبة، ولعب عدد كبير منهم لضم أبناء النوبة للعب في صفوفه، مثل أبو النور، وطه بصري، وفاروق جعفر، وانتهاءً بالولد الشقي شيكابالا. رغم مشاركة طنطاوي في كل حروب مصر، بدءًا من العدوان الثلاثي عام 1956، ومرورًا بحرب 1967، والاستنزاف 1968-1969، ثم حرب أكتوبر 1973، إلاّ أنه دخل التاريخ، وسجل اسمه مع أبطال مصر العظام في أيام 15و16و17 أكتوبر أثناء حرب أكتوبر المجيدة، حيث قاد الفرقة 16 مشاة التي سجلت ملحمة تاريخية في معركة المزرعة الصينية، وهي المعركة التي حاول فيها الإسرائيليون التسلل إلى غرب القناة في موقعة الدفرسوار، وفشلت إسرائيل في العبور من المحور الذي يتولّى حراسته طنطاوي وفرقته، وفشل الجنرال الإسرائيلى شاؤول موفاز التغلب على الثعلب المصري. ودّع طنطاوى حياة المعارك والميادبن عام 1975، حيث عمل ملحقًا عسكريًّا لمصر في باكستان، ثم في أفغانستان في رحلة استمرت عشر سنوات، وعاد بعدها إلى المؤسسة العسكرية ليتولّى منصب وزير الدفاع في حكومة الدكتور عاطف صدقي عام 1991، واستمر حتى 11 فبراير 2011؛ ليتولّى رئاسة المجلس العسكري، والقيام بمهام رئيس الجمهورية. وحصل على العديد من الأوسمة والنياشين العسكرية من مصر، ومن الخارج، منها نوط الشجاعة العسكرية، وميداليتان من المملكة هما ميدالية المعركة، وميدالية تحرير الكويت.