خسر العالم العربي والإسلامي ومعهما السعودية سمو الأمير نايف بن عبد العزيز ( طيب الله ثراه ) فانطوت معه حياة حافلة بالإنجازات والعطاءات طيلة عقود من الزمن ، وأُسدلت معه ستارة رجل امضى عمره كسحابة صيف تظلل التائه في صحراء الجهل وتمطر ماء عذباً على من يتعطش للمعرفة . وكم ستفتقد المملكة لسموه وهو الذي كان صمام الأمان ،ومصدر الأمن حيث اتكأت على اكتافه أحمال كبيرة من المسؤوليات فلم تنخ له همة ، ولا ظهر عليه وهن ، ولم يبد يوماً أي تأفف او تذمر او ضيق ، لا بل كان اهلاً لكل الأعباء ومقتدراً على مواجهة المخاطر بما حباه الله من حكمة وصبر وحزم مقرون بحسن دراية وعمق تبصر . لقد كان يضرب بيد من حديد كل من يظن انه قادر على إلحاق الأذى بالوطن والمواطن ، وكان باليد الأخرى يتلقف المحتاج والخائف والمغبون ليمنحه مراده . كان مدرسة تعلم منها العالم كيف تتم مواجهة من يتربص بالمملكة شراً ، وكيف تتم مناصحة من غُرر به لإعادته الى رشده وكأني به كان يحمل بيمينه القرآن الكريم وما ورد فيه من هداية وسماحة وحب وغفران وعدل ومساواة ، وبيساره سيفا باترا لمن اباح لنفسه هتك الحرمات والإساءة الى المقدسات او تدنيس وطن او استهداف مواطن . وبذلك كفل الأمن الإجتماعي وأبعد عنا كأس الإرهاب وفرض الاستقرار وقضى على العنف فتحولت المملكة الى واحة لكل طامح بالسكينة ، ومقصد لكل راغب بالعيش بطمأنينة . . لم يفرق بين مواطن ومقيم ، ولا بين معتمر وحاج ، ولا بين عربي وأعجمي ، ولا بين مسلم وكتابيّ لأنه اراد ان تكون المملكة بكل شعابها أرض الهداية . لا حق لأحد فيها مهدور ، ولا واجب على أحد مغفور .. فكان له ما اراد . وإذا كنا نتغنى دائماً بما امكن لأولياء الأمر الراشدين تحقيقه على مستوى النمو والتطور والتقدم والازدهار فإننا بالمقابل يجب ألا نبخس سمو ولي العهد ( تغمده الله بواسع رحمته ) حقه لأن الأمان الإقتصادي ما كان ليحصل لولا وجود مناخ رحب من الأمن الإجتماعي . وهنا تبرز اهمية العلاقة الجدلية بين الأمن والأمان التي كان المغفور له يعيها ويعمل من وحيها ، والتي ستبقى عنوان عمل كل من سيخلفه ، وخارطة طريق لكل من سيسير على هداه . عزاؤنا انه اورثنا ما طمحنا اليه ، ورحل وقلبه مطمئن اننا سنكون امناء وأوفياء على ما اودعنا ، ولنا في ذريته خير خلف وفي اشقائه وأخوته أحسن سلوان . ففي رحاب الله يا امير الأمن والأمان . [email protected]