ثمّن عدد من المتخصصين في مجال التراث والحرف اليدوية والمهن التقليدية والشعبية، القرار الحكيم لمجلس الوزراء الذي صدر مؤخرًا بإقرار الإستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية وخطتها التنفيذية الخمسية التي أعدّتها الهيئة العامة للسياحة والآثار وسيتم تطبيقها في كافة مناطق المملكة، معتبرين هذا القرار بأنه كان حلماً لكل المهتمين بمجال الحرف وتحوّل إلى واقع ملموس بجهود الدولة ممثلة في الهيئة. يقول الدكتور فهد الحسين (كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود): قرار مجلس الوزراء المتضمن الموافقة على الخطة الوطنية الإستراتيجية للحرف والصناعات التقليدية يضع وبكل فخر التراث الحرفي العريق للمملكة ضمن منظومة المشاريع المؤسسية للحفاظ على كنوز إرثها الحضاري وهويتها الثقافية، بينما الشروع في تنفيذ المرحله الخمسية الأولى منها والمدعومة بما يزيد على العقد من التجربة الإدارية العميقة التي أضاف إليها باقتدار رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان وقد تبنت الهيئة منهجية عمل مبتكره في إعداد المخطط الاستراتيجي الوطني للحرف وهو ما يجعل من إدارة جميع قضايا تنمية هذا القطاع عملية مستمرة وشاملة واستثمار متعدد الأبعاد، وتحمل الرؤية المستقبلية للمخطط الاستراتيجي ملامح العمليات الإدارية الموجهة لتأهيل قطاع الحرف والصناعات اليدوية وتنشيطها بما يلبي احتياجات سوق السياحة السعودي. وأضاف الدكتور الحسين: تكتسب الحرف والصناعات التقليدية أهميتها من أنها عامل مساعد لاستقرار المجتمع باعتبار أن أفراد المجتمع أهم عنصر في الإنتاج الحرفي فيستطيع الذكور والإناث وبالمثل كبار السن وذوي القدرات الخاصة الانخراط في الأعمال الحرفية والإنتاج في بيوتهم مما يشكل مصدراً إضافياً للدخل وهو ما يسهم في رفع معنوياتهم وأمنهم الاجتماعي. ومن جهتها أكدت الدكتورة مها السنان (أستاذ تاريخ الفن المساعد بجامعة الأميرة نورة بالرياض) أن إقرار هذه الإستراتيجية له ضرورة اقتصادية إلى جانب حماية الهوية والتراث الوطني أيضًا، متمنية أن يكون التطبيق على مستوى الطموح والتخطيط، وأن يكون العائد الاقتصادي مناسبًا لجميع الأطراف. واعتبرت الدكتورة السنان أن الممارسة المحلية للحرفة هي في حد ذاتها جزء من التراث ولكن الأهم من ذلك هو المنتج المحلي لا المقلد أو المستورد وإن تشابهت الصور، موضحة أن وجود وانتشار وممارسة الحرف سوف يؤثر بلا شك أيضاً على ممارسات أخرى حين تكون الحرفة اليدوية جزء من منظومة بصرية تحيط بأي منتج آخر وأيضاً من الركائز التي سوف تساهم في ثبات الهوية مع نمو المعاصر المستمد من الأصالة في الوقت ذاته. فيما اعتبر مدير مكتب الآثار بمحافظة تيماء محمد بن حمد السمير النجم أن إقرار الاستراتيجية الوطنية للحرف الوطنية من قبل مجلس الوزراء في حد ذاته مؤشرًا على أهمية هذا الأمر وايلاءه الاهتمام الأكبر من قبل الدولة، موضحاً أن ما تقوم به الهيئة العامة للسياحة والآثار من جهود كبيرة في سبيل تنمية قطاع الحرف اليدوية من خلال إجراء الدراسات وتلمّس السبل الكفيلة التي تساعد على تنميته تأتي ضمن مسؤوليات الهيئة تجاه الموروث الوطني بشكل عام والحرف اليدوية بشكل خاص، لافتاً إلى أن الطفرة الحضارية والرفاهية أثّرت على هذه الحرف وساهم في تلاشيها بل وربما انقراضها، ولكن في إقرار الإستراتيجية ما يحفظ للوطن موروثه ويبقي على مقومات حرفه التقليدية كي تبقى للأجيال المقبلة وتوضح ما كان عليه الأجداد.