الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل منتخب جامعة جازان    حين تُستبدل القلوب بالعدسات    الفريق المشترك لتقييم الحوادث ينفي استهداف معدّة مدنية في باقم    ومن الهذيان ما قتل AI الإنسانية    فيصل بن مشعل يتسلّم التقرير الختامي لمبادرة "إرث ينطق"    "إثراء" يحتفي بيوم اللغة العربية على مدار ثلاث أيام    الجاسر يفتتح فعاليات النسخة ال 7 من مؤتمر سلاسل الإمداد    المرأة العاملة بين وظيفتها الأسرية والمهنية    "سعود الطبية" تنجح في إجراء قسطرة علاجية نادرة لطفلة بعمر خمسة أشهر    اللجنة العليا المنظمة لسباق الشرقية الدولي ( 27 )تكرّم الفائزين المحترفين بحضور قيادات الاتحادات الدوليه    أمانة المدينة ترفع كفاءة شبكات تصريف المياه    شفيعًا تشارك في فعاليات جمعية أصدقاء ذوي الإعاقة لليوم العالمي لذوي الإعاقة بجامعة الفيصل    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية مبرة دار الخير    غداً .. "كبدك" تُطلق برنامج الطبيب الزائر «عيادة ترحال» ومعرضًا توعويًا شاملًا في عرعر    ولي العهد يهنئ فيليب جوزيف بيير بمناسبة أدائه اليمين الدستورية رئيسًا لوزراء سانت لوسيا    أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية مبرة دار الخير ويطّلع على برامجها التنموية    الكرملين يعتبر بقاء كييف خارج الناتو نقطة أساسية في المفاوضات    لقاء تاريخي حافل لأبناء عنيزة القاطنين بمكة المكرمة    دور إدارة المنح في الأوقاف    المحسن يكتب.. "النشامى" طريقنا للكاس، والخسارة قدامهم "بِدناش"!    وفد أعضاء مجلس الشورى يطّلع على أدوار الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة    كايا كالاس: محادثات قرض التعويضات لأوكرانيا "تزداد صعوبة"    التضخم في المملكة يتراجع إلى 1.9% في نوفمبر مسجّلًا أدنى مستوى في 9 أشهر    مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بالحزام الناري، ما الأسباب وطرق الوقاية لمن هم فوق الخمسين عاما    الفنار للمشاريع تفوز بجائزة المشروع الصناعي للعام ضمن جوائز ميد للمشاريع    قبيلة الجعافرة تكرّم الدكتور سعود يحيى حمد جعفري في حفل علمي وثقافي مهيب    طلاب ابتدائية مصعب بن عمير يواصلون رحلتهم التعليمية عن بُعد بكل جدّ    ثلاث جولات في مختلف مناطق المملكة ، وبمشاركة أبطال السباقات الصحراوية    ارتفاع أسعار النفط    مواجهات مع مستوطنين مسلحين.. اقتحامات إسرائيلية متواصلة في الضفة الغربية    صينية تعالج قلقها بجمع بقايا طعام الأعراس    بحثا تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.. ولي العهد ووزير خارجية الصين يستعرضان العلاقات الثنائية    ديبورتيفو الكوستاريكي يتوّج ببطولة مهد الدولية للقارات لكرة القدم    "أمِّ القُرى" تعقد لقاءً تعريفيًّا مع التَّقويم والاعتماد الأكاديمي    حائل: تعزيز الشراكة بين "الأمانة" و"الجامعة"    الخريجي: الحوار البناء أداة تفاهم بين الشعوب    القراءة الورقية.. الحنين إلى العمق والرزانة    من القمة.. يبدأ السرد السعودي    نجوم القارة السمراء يستعدون لترك أنديتهم.. «صلاح وحكيمي وأوسيمين» تحت المجهر في كأس أمم أفريقيا    السعودية تدين الهجوم الإرهابي.. دمشق توقف 11 عنصراً للتحقيق في هجوم تدمر    دعت جميع الشركاء في المنظومة لتفعيل البرنامج.. «الموارد»: 5 مجالات لتعزيز التنمية الشبابة    استضافت اجتماع اللجنة التنفيذية ل«البرنامج التعاوني».. السعودية رائد عالمي في مجال أمن الطيران    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    أمير نجران يُشيد بإنجازات "الصحة" في جوائز تجربة العميل    دراسة: دواء جديد يتفوق على «أوزمبيك» و«ويغوفي»    في ورشة عمل ب"كتاب جدة" خطوات لتحفيز الطفل على الكتابة    الذكاء الاصطناعي يخفض استهلاك أرامكو للطاقة 15%    الأحمدي يكتب.. وابتسمت الجماهير الوحداوية    أمانة الرياض تطلق فعالية «بسطة» في حديقة الشهداء بحي غرناطة    الراجحي يدشن صالونه الأدبي الموسمي ويحتفي بضيوفه بمنتجعه بالرياض    الغامدي يزور جمعية عنيزة للخدمات الإنسانية    اختتام المؤتمر الدولي لخالد التخصصي للعيون ومركز الأبحاث    نمو أعداد الممارسين الصحيين إلى 800 ألف    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    الغرور العدو المتخفي    بدء المرحلة الثانية من مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات الفطرية بالمملكة    السعودية تدين هجوما إرهابيا استهدف قوات أمن سورية وأمريكية قرب تدمر    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسارات التعليم.. بين الانسجام والازدواج!
هناك من يتذمر من مخرجات التعليم لكونها لا تتناسب مع سوق العمل وهناك من رمى بالخلل كله على المناهج والمقررات
نشر في المدينة يوم 11 - 06 - 2012

باتت موضة «هجاء التعليم» هواية عند كثير من الفئات الاجتماعية، وممارسة مستفحلة في مجتمع تعطلت كثيرا من قواه وشلت بعض أطرافه. مما لا شك فيه أن النقد هو عملية بناءة تعزم على تصفية الموضوع مما علق فيه من غوامض، وتجلية ما التبس فيه من معضلات عويصة على الصعيد المعرفي أو الواقعي. واكتسب النقد أهمية كبرى في تواريخ الأفكار والعلوم والسياقات المعرفية في رحلة الإنسان الطويلة لبناء المجتمعات والدول، غير أن النقد بحد ذاته لم يكن يوماً ممارسة عفوية وتلقائية، بل كان ممارسة منظمة يجري توجيهها طبقا لتصورات العقل وبناءاته المنطقية، وإملاءاته المنهجية.
الملاحظ أن كثيراً من هذه الهجائيّات لا تستند على منهج نقدي بقدر ما تستند على عفوية اللحظة العابرة والمتناهية: وهذه العفوية هي ردة فعل غريزية أكثر من كونها نقدا عقليا منظما وممنهجا ومنتجا. فهناك من يتذمر من مخرجات التعليم لكونها لا تتناسب مع سوق العمل، مع أن وظيفة التعليم ليست اقتصادية بحتة لكي ترتكن إلى هذا المؤشر الاقتصادي. وهناك من يرمي المعلم - وهو إحدى الوحدات الجوهرية في التعليم - بأن مكمن العطل يقع على كاهله. والبعض رمى بالخلل كله على المناهج والمقررات لأنها مصدر المعلومة التي من خلالها يجري تفاعل المعلم مع الطالب والبيئة المحيطة بهما.
وكل هذه الهجائيات لم تتبلور على شكل طرح منظم وممنهج بل كانت كما أسلفت ذات طبيعة تلقائية وعفوية، وهي ككثير من ممارساتنا المعرفية والاجتماعية تفتقر لعناصر الضبط والتنظيم والتماسك. وما يغفل عنه كثير من الهجائيين أن التعليم - مهما تطور وتغير - يبقى أسيراً لبيئته الاجتماعية التي ولدته وأنتجه وأوصلته لوضعه الحالي. فحتى وإن أدين النشاط التعليمي بعناصره الكثيرة من مقررات ومنشآت وكوادر تعليمية إلا أنه يظل منحبساً في الإطار الاجتماعي خاصته، وهو إطار يملي على التعليم أبجدياته وركائزه، وهي إملاءات لا يستطيع التعليم تجاوزها وتجاهلها، مهما رصدت له الميزانيات، ومهما استجلب له من كوادر، فالنشاط التعليمي ليست منوطاً بالوزارة التعليمية لوحدها (فهذا ضرب من التسطيح في التفسير) بل يتجاوز الوزارة ويبلغ نطاق الثقافة والممارسة الاجتماعية، وهي المهيمنة في أول الأمر وآخره على مجمل الفاعليات الفكرية بما فيها التعليم، إلا ما شذ وندر!
وقد وقفت بنفسي على عينات من الطلاب الذين تلقوا منهجا واحداً، ومقرراً واحدا، ولكن بعضهم أفلح في استيعاب المعلومة وحفظها بل ونقدها أحياناً، ووجد طلاب آخرون أخفقوا في هذا المطلب، وكذلك وجد طلاب يتفاوتون في مستوياتهم بحسب فروقهم الفردية. ولم أتفاجأ حين أدركت أن المتفوقين كانوا ينتمون لعائلات متعلمة وأن آباءهم وأمهاتهم قد وفروا لهم البيئة العائلية والاجتماعية المناسبة للتلقي والتحصيل العلمي، بينما كان الطلاب المتعثرين ينتمون لخلفيات اجتماعية أقل حظا في التحصيل العلمي، مما يؤكد على رسوخ الأثر الاجتماعي على المتعلم.
ليست هذه تبرئة للإدارات التعليمية ولا الكوادر العاملة فيها، كما أنها ليست تبرئة للمناهج وما قد يعهد فيها من أخطاء، لكنها دعوة للتفكير النقدي الشامل الذي ينظر للصورة ضمن عدسة أكبر: فالتعليم ليس حكرا على وزارة محددة، ولا توجد جهة مخولة على سطح الأرض قادرة على محو الأمية التعليمية، وإنما التعليم نشاط شديد التركيب والتعقيد، تتداخل فيه العناصر الموجهة في المدرسة، مع العناصر الثقافية والاجتماعية خارج الأسوار، فضلاً عن الوسائل الإعلامية والتقنية التي وصل بثها جميع الناس في هذا الزمن، فالثقافة الاجتماعية هي أضخم وأكثر تأثيراً من أية عملية تريد محوها وتغييرها بسهولة.
علينا أن نُخمِّن أسباباً كثيرة خلف المشكلة التعليمية، وهي أسباب لا تنحصر بجهات معينة، بل تتطلب رؤية شمولية: في الميادين الثقافية والأدبية والفكرية، وكذلك المرافق الأكاديمية الكثيرة المتجاوزة للوزارة التعليمية، بجانب بعض وسائل الإعلام الذي بات يسيطر عليها من فئات هي أقرب ما تكون للتجهيل. وليس التعليم، وكذلك أن تؤخذ بالاعتبار الحقيقة الواضحة والمتعلقة بالبنية الاجتماعية خلف كل تعليم ناجح: إنها بنية الانفتاح على المعلومة والتشوق لتلقي ما هو جديد، فكل الركام القديم من السلبيات لن يهدمه غير الركام الجديد من التحديث والانفتاح على العقول الحية، وهذا ما لن يتم بالطرق القديمة، بل عبر وسط آخر أكثر شبابا وحيوية وانفتاحا، وسائل تنظر للتعليم بوصفه عملية شاملة تتضمن البيت والمدرسة والشارع والتلفزيون والانترنت، وليس أن تنظر إليه بصورة جزئية جداً، لا تكاد تؤثر في المشهد التعليمي البتة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.