تغريدة كتبها الصديق سعود كابلي، الذي يعمل في المندوبية الدائمة للمملكة في الجامعة العربية بالقاهرة، علي صفحته في شبكة التواصل الاجتماعي (تويتر (Twitter قال فيها: «عمرو خفاجي على (أون تي في) يقول إن مصر فيها 13 ألف قانونًا بينما المتوسط في العالم ألفين إلى 3 آلاف قانون!». وقد أجبته بتغريدة علي صفحتي في تويتر قلت فيها: «ومع ذلك تشعر أحيانًا بأن ليس هناك أي قانون بالمرة»؟! ***** هذه التغريدة أخذتني بعيدًا إلى نحو ما يقارب من ثلاثين عامًا إلى الوراء، تذكّرت فيها جملة حوارية لا أنساها وردت علي لسان أحد الممثلين في مسرحية مصرية قديمة لا أذكر اسمها الآن. الممثل تقمص شخصية رجل حُكم عليه بغرامة نتيجة مخالفته «كود» البناء في الحي لقيامه بفتح شباك في الشقة التي يقطن فيها، والتي تطل علي جار له تقدم بشكوى ضده بأنه فتح شباك فجرح حريمه أو شيء من هذا القبيل.. لا أذكر؟ المهم أن محامي الرجل نصحه أن يعمد إلى قفل الشباك الذي فتحه حتى يُثبت للقاضي حسن نيته، وتصبح القضية غير ذات موضوع؟ الرجل فعل ما نصحه به محاميه، وقام بغلق الشباك مرة أخري بالحجر والطين. غير أن حُكم القاضي كان مفاجأة للرجل ومحاميه. إذ قضى القاضي بتغريم الرجل «جنيه واحد» لقيامه بفتح شباك في شقته دون إذن مسبق من إدارة الحي، مخالفًا بذلك كود البناء في الحي، ثم ألحقه بحكم آخر قضى فيه بتغريم الرجل ب»جنيه» آخر، لقيامه بإغلاق الشباك الذي سبق له أن فتحه، دون الرجوع لإدارة الحي لأخذ التصريح اللازم لقفل الشباك؟! الرجل وقف مذهولاً في قاعة المحكمة، بعد أن دفع «لحلوحين» مرة واحدة، وأخذ يضرب يدًا بيد ويسأل القاضي: «طيّب أعمل إيه دلوقتي.. أفتح الشباك.. ولَّا أسِدّ الشبّاك»؟! ***** موقف فكاهي من الدرجة الأولي، لكنه موقف يحمل معانٍ كثيرة إذا أخذناه بمنطق ما يجري اليوم من مخالفات لا تُعد ولا تُحصى.. ليس فقط في «كود» البناء، ولكن في أشياء كثيرة علي أرض مصر الحبيبة، التي دخلت السنة الرابعة في العيش فيها بعد تقاعدي الوظيفي. فقد أصبحت كثير من القوانين حبرًا علي ورق بعد أن كانت سيفًا علي رؤوس المخالفين. وهو ما يُذكرني بعهد الانضباط الذي نجح في تحقيقه اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية في فترة منتصف الثمانينيات، الذي سُمي قاهر المخدرات، وهو أول من قام بعملية انضباط للشارع، فقد كان ينزل للشارع بنفسه ويتابع العملية المرورية ويُوقع مخالفات فورية على المخالف في الشارع. وبعد أن ضبط الشارع وقضى على الإزعاج، أمر الضباط بإيقاف جميع الموظفين الموجودين في الشارع أثناء فترة العمل.. وإبلاغ وزاراتهم، وذلك لضبط مواقع الإنتاج. فكان هو وزير الداخلية الوحيد الذي أحبه المصريين؟! * نافذة صغيرة: (إن تطبيق القانون وسيادته على الجميع يحقق الأمن لأفراد المجتمع).. اللواء أحمد رشدي. [email protected]