الأسبوع الماضي، وأثناء اختباري لطلابي في الجامعة؛ وبينما بدأ بعضهم بالخروج من القاعات بعد أداء المهمة؛ تفاجأت بأحدهم وكان (مُبصِرًا أو كَفيفًَا)، يجلس عاجِزًا عن الإجابة؛ فقد تمّ نسيانه ولم يحضر أحد يعينه على الكتابة! أعترف.. نسيته، وقبلي نسيته الكلية المعنية؛ أصدقكم.. صورته الحزينة وهو صامت، يتلبسه القَلَق والخَوف؛ وكأنّى به يقول: أين حقي في مجتمعي وأنا أجاهِد لأبني مستقبلي؟! ذلك المشهد الحزين أخرج من قلبي قبل عَيْنَيّ الدمعَات والآهات؛ فهي نموذج بسيط لنسيان مجتمعنا لتلك الشريحة الغالية ذات القدرات والمهارات الخاصة! لقد ذكر بعض المختصين أن نسبة المعاقين في مجتمعات العالم لا تقل عن (10%)؛ فأين هم في مجتمعنا؟! لماذا لا نراهم في المناسبات العامة؟! لقد تجاهلناهم ولم نهيئ لهم ما يحتاجونه؛ وبالتالي اختفوا خلف الأبواب المغلقة ينتظرون الرحيل من هذه الدنيا! ومما شاهدت وقرأت وسمعت إليكم مشاهد سريعة من لَيل معاناتهم: * الكثير من القرارات أو التسهيلات التي قدمتها الدولة لهم لم يتم تفعيلها؛ ومنها: أولوية منح الأراضي، وتخفيض التذاكر؛ وبعضها لم تُنفَّذ بسبب التعقيدات؛ فمثلًا السيارات الخاصة التي أمر بها خادم الحرمين، لا يتقدم لها إلا ذو الشلل الرباعي، ومن راتبه لا يتجاوز مبلغًا معينًا. * مَن يُكافح ويتخرَّج منهم في الجامعة لا يجد المرونة في التعيين، أو مكانه بما يناسب ظروفه. * أيضًا تصوروا الأصحاء الذين تخصصهم التعامل مع ذوي القدرات الخاصة لهم بدلات؛ بينما أصحاب المعاناة لا شيء لهم؛ فحتى معونة السائق يُحرمون منها! * غلاء الأجهزة الحركية والإلكترونية التي تناسبهم وتربطهم بالعَالَم؛ فأغلب المحتكرون لها لا رحمة في قلوبهم؛ فلماذا لا تؤمّنها الجهات المعنية مجانًا أو بأسعار مناسبة وبالتقسيط! * تجاهل احتياجاتهم في بعض مَقَارّ المؤسسات الحكومية والخاصة؛ بل وحتى في بعض المساجد! ويبقى الحاجة تنادي بجمعيات حقيقية وليست شَرفية مُعاقَة؛ تطالب بحقوق أولئك وتدافع عنها لدى مؤسسات المجتمع. وكم أتمنى أن تكون المدينةالمنورة سبّاقة لأن تكونَ (صَديقة دائمة للمعاقين) من خلال جمعية أهلية متخصصة يُشارك في عضويتها أفراد من ذوي القدرات الخاصة، تنفذ برامج لهم، وتدافع عنهم، وتتبنى اشتراطات مُلزمة تَكْفَل أن يتضمن أي مشروع متطلبات تلك الفئة العزيزة! [email protected]