قال محدثي: ما بال بعض أقوامٍ لم يرقهم حوارنا الأسبوع الماضي عن ملاحظات ومشاهدات حول أسلوب بعض المذيعين في البرامج الحوارية إذاعة أو تلفزة، وما يشوبها من إسفاف قد يصل لحد الابتذال، ويبعد بها عن اللياقة في وسائل إعلام المفترض أنها موجهة لشريحة واسعة من أطياف المجتمع السعودي المحافظ؟!، قلت: يا صديقي حين ترحّمنا على أيام بعضٍ من عمالقة المذيعين الذين تميّزوا برخامة الصوت وعمق الثقافة ورقي الأسلوب وجزالة العبارة مع الأدب في الحوار أقول حينها، قال البعض: إن تلك أصوات ناسبت زمانها، وأن ليس لها مكان في إعلام اليوم، قاطعني محدثي قائلاً: وهل الأدب في الحوار والرقي في الطرح واللباقة مع شرائح المستمعين؛ هل هي أصول مهنية وأساسيات ولّت مع الزمن؟!، أليست هي مرتكزات أساسية لهذه المهنة؟!، قلت: بل هي حد أدنى من أصول مهنة المذيع، ولا يمكن أن نقول: إنها تتغير بتغير الزمان، وأردفتُ قائلاً: وإن تغيرت آليات أي عمل أو وسائله التقنية لتواكب العصر فلابد أن يتحلى أي ممارس لمهنة بحد أدنى من أخلاقيات المهنة أو ما يعرف ب Ethics، أطرق صديقي رأسه برهة وقال: صدقت يا صاح، فخذ مثلاً الطبيب، ومع تقدم وسائل العلاج وتطور العلوم الطبية إلا أن أخلاقيات المهنة لم تتغير، والتي يُقسِم عليها عند تخرجه. ومن ذلك الحرص على حياة المرضى والحفاظ على أسرارهم، قلت: دعني أزدك من الشعر بيتاً، فهل مع تطور وسائل التعليم وآلياته يتهاون المعلم في الأخذ بأبجديات أخلاقيات المهنة من التفاني في تعليم النشء وتهيئتهم ليكونوا معاول بناء في مجتمعهم؟!، وهنا أخذ صديقي دفة الحوار وقال لي: تخيّل لو أن طيّاراً رأى في التطور التقني الهائل للطائرة ما يُغني عن أخذه بأبسط ما تعلمه من ضرورة التدقيق والتشييك البشري لوسائل السلامة قبل التحليق بها في الأجواء، أليس في ذلك إهمال جسيم للأمانة التي أخذها الطيار على عاتقه، وهي الحفاظ على أرواح الركاب وضمان سلامتهم؟!. قلت: بلى يا عزيزي، وأحسب أن فيما أوردنا من أمثلة ما يُؤكِّد أهمية الالتزام بحد أدني من أخلاقيات المهنة لا يمكن تجاوزه كخطوط حمراء، وإلا فلنترحم على الأخلاق الحميدة التي هي أساس كل مجتمع فاضل، قال صاحبي: صدقت وأوجزت ولملم أوراقه وانصرف. [email protected]