تراجعت ثقافة تحمل المسؤولية بين الشباب، خصوصا صغار السن منهم بشكل كبير في العقود الأخيرة ، حيث انتشرت ثقافة اللامبالاة والأنانية والاستهتار ، مما ترتب عليه ضياع حقوق بعض المواطنين ، بجانب عدم تبوء شباب الأمة المكان اللائق ،وتأتى تلك السلوكيات الخاطئة لتخالف بشكل واضح المنهج الإسلامي في تربية أتباعه على تحمّل المسؤولية سواء كانت فردية أو جماعية. .. ترى ما هي أسباب تراجع ثقافة " تحمّل المسؤولية " لدى الشباب، وكيف يمكن تأهيلهم على أداء حقوق الغير عن اقتناع تام بأنها من واجبات الفرد على مجتمعه ؟. - بداية أوضح عضو هيئة التدريس بقسم العلوم التربوية بكلية التربية بجامعة الطائف الدكتور خالد بن محمد العصيمي أن هناك أسبابا عديدة تتعلق بعدم تحمّل الشباب للمسؤولية ، على رأسها "التربية داخل المنزل" ،مشيرا إلى أن غرس تلك القيمة الإنسانية الرفيعة تقع على عاتق الوالدين، وقال :" بعض الآباء نرى منه الشدة والقسوة الزائدتين، وبشكل يفقد بعض الشباب ثقتهم بأنفسهم ،و ينتج عنها ردة فعل لا تحمد عقباها وهي عدم تحمله للمسؤوليات المناط بها ". الركيزة الأولى وبيّن العصيمي أن البيت يعد الركيزة الأساسية التي تنطلق منها قيمة تحمل المسؤولية، إذ أن الأم والأب هما القدوة الأولى لجميع الأبناء ،ومن هذه المدرسة الأولى يتخرجون إلى مدرسة الحياة بكل تعقيداتها ،مشيرا إلى أن المجتمع الإسلامي لن يرقى إلى العلا ما لم يتحمل كل طرف المسؤولية ، عدا الصبي والمجنون. وحذّر من خطورة انتشار ثقافة اللامبالاة ، والتي أدت حسب وصفه إلى عدم اهتمام بعض الطلبة بالتحصيل العلمي ،مشيرا إلى أن مستوى المناهج الدراسية وخلوها من ثقافة تحمّل المسؤولية من أسباب انتشار تلك الثقافة السلبية ، وقدم نصيحة لجميع أولياء أمور الشباب بتدريبهم على مبدأ الاعتماد على النفس و الجد والاجتهاد وقال :" الطفل قد يخطئ مرة أو مرتين ولكنه سيتعلم من الخطأ ، وعلينا غرس تلك القيمة في نفوس الصغار ". المناهج التعليمية أما أستاذ الإعلام التربوي الدكتور زهير حسين ، فأوضح أن المناهج التعليمية ، وبكل أسف بعيدة عن سوق العمل وهو ما يدفع البعض إلى عدم المبالاة ،وشدد أيضا على يكون المعلم قدوة للطالب في الالتزام بالمسؤولية بحيث يصل إلى مقر عمله في موعده ويجتهد في أداء واجبه ، ويحرص على توصيل المنهج للطالب ومن هنا يكون قدوة حسنة لتلاميذه ،وقال :"لا بد لنا من مدير ومدرس وإداري ناجحين ليرى الشباب أناسا يمكن الاقتداء بهم". ويشير إلى المنهج الاسلامى في إقرار مبدأ المسؤولية الشاملة واضح حيث ورد عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته؛ الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته". تحمّل المسؤولية ويرى الأستاذ مشارك بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور هشام آل الشيخ فأوضح أن الإشكالية تكون في التربية من داخل البيت وعدم تدليل الطفل بشكل زائد وعليه أن يتحمل بعض المسؤوليات الصغيرة منذ الصغر. وأوضح أن الإسلام اهتم بالأسرة اهتماماً بالغاً، وحرص على استقرارها واستمرارها، فأعطى الله للرجل رئاسة الأسرة وحمَّله مسؤولية القيام على شؤونها بتأمين حاجاتها من مأكل ومشرب وملبس إلى غير ذلك مما تحتاجه، كما حمَّله مسؤولية حُسن تأديب أولاده وتعليمهم الدين والخير وما لا يُستغنى عنه من الآداب دون تمييز بين ذكر وأنثى ، وفى المقابل اقر مسؤوليات للمرأة في بيتها مشيرا إلى أن عدم قيام الرجل أو المرأة بمسؤولياتهما نحو الأسرة أو تقصيرهما يتوجب المحاسبة في الدنيا والآخرة. ، وأشار آل الشيخ إلى أن أغلب أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا من الشباب، وتحمّلوا في سبيل الدعوة الكثير، وبذلوا النفس والنفيس ، وتركوا الدور والأهل والمال، فجعل النبى الكريم أسامة بن زيد قائدا للجيش في وجود كبار الصحابة، وهو ما يؤكد أننا في حاجة إلى شباب يحمل الفهم الصحيح للإسلام للأخر ، كما يجب أن نربي الشباب على الإيجابية، فالشباب لو وصِف بالسلبية لضاعت الأمة، فنحن نريد شباباً إيجابياً في كل حياته مع الله، ومع أسرته، ومع جيرانه، وزملائه، ومع المجتمع عامة.