عودة السفير السعودي إلى القاهرة اليوم تعني إسدال الستار على أزمة عابرة بين المملكة ومصر، وتعني أيضًا فشل جهات خارجية مغرضة لا تروم خيرًا للبلدين حاولت ضرب تلك العلاقات، وحاول معها بعض الإعلاميين -الجهلاء بحقيقة العلاقات الأخوية التي تربط بين البلدين الشقيقين- دورًا محرضًا مكشوفًا للنيل من تلك العلاقات ومحاولة زعزعتها. فالحفاوة التي استقبل بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- وكبار المسؤولين السعوديين أمس الأول الوفد المصري رفيع المستوى الذي جاء إلى المملكة من أجل احتواء تلك الأزمة وما أعقبها من تداعيات، هذه الحفاوة البالغة وهذا التجاوب الجميل العاجل من لدن خادم الحرمين الشريفين لمطلب الوفد المصري والكلمة الضافية التي عبر فيها خلال استقباله للوفد عن متانة ورسوخ تلك العلاقات سواءً من حيث التاريخ المشترك القائم على وحدة الدين أوالنصرة في الحق، لايمكن اعتباره صفحة عابرة يمكن لأي كائن من كان أن يعبث بها، نظرًا لما يمثله هذا البعد الرئيس من أولوية بالنسبة للسعودية لا تقبل الجدل أو المساومة أو الإلغاء أو التهميش. وإذا كانت الخلافات الصغيرة والأزمات العابرة أمرًا اعتياديًا في العلاقات الدولية، حتى بالنسبة للدول الشقيقة والصديقة، فإن الأمر يختلف عند التحدث عن العلاقات السعودية-المصرية التي تمثل نموذجًا متفردًا في العلاقات بين الدول، فهي تقوم -كما ذكر المليك المفدى في كلمته- في حالة الخلاف على أسس العتب لا على قواعد الخصومة، حيث ظلت مصر بهمومها وآمالها وطموحاتها في قلب المملكة والعكس صحيح، وهو ما يمكن لمسه بسهولة في كافة أطوار تلك العلاقات حتى قبل الزيارة التاريخية التي قام بها القائد المؤسس الملك عبد العزيز-يرحمه الله- لمصر عام 1946. عودة مياه العلاقات السعودية-المصرية إلى مجاريها تحمل العديد من المعاني والدلالات ليس أقلها حرص الرياضوالقاهرة على أن تظل العلاقة بينهما صمام للأمن القومي العربي ودعامة للعمل العربي المشترك الذي ينشد الأمن والاستقرار لدول المنطقة وينشد التقدم والرخاء للأمة بأسرها.