رغم أنهم قليلون أولئك الساسة والكتاب والفنانون من دول الغرب الذين يتجرؤون في انتقاد إسرائيل وينددون بجرائمها وعنصريتها، إلا أن أعدادهم تتزايد يومًا بعد يوم، وهو ما تعتبره تل أبيب سلاحًا آخر مهددًا لأمنها وبقائها لا سيما عندما يكون المنتقدون الجدد على درجة كبيرة من الشهرة والعالمية. لذا فإن إسرائيل لم تخف انزعاجها الشديد من شهادة جونتر جراس الأديب الألماني الحائز على جائزة نوبل للأدب عام 1999 عندما نشر قصيدته بعنوان: "ما يجب أن يقال" في 4 أبريل 2012، بقوله صراحة بأن إسرائيل تهدد السلام العالمي بترسانتها النووية. ما أقلق إسرائيل بشكل كبير أن دعاة السلام الألمان الذين أعربوا عن تأييدهم لجراس من خلال التظاهرات التي تنظم سنويًا منذ العام 1960 بمناسبة عيد الفصح في مختلف أنحاء ألمانيا لمناهضة الانتشار النووي، حيث نظمت فيها 70 مسيرة هذا العام خصص العديد منها لتأييد جراس عندما رفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "جونتر جراس معه حق". و"شكرًا جونتر جراس". تقول بعض أبيات القصيدة: لماذا سأقول الحقيقة كلها الآن في هذا العمر المتأخر وبآخر حبري: إسرائيل تمتلك ترسانة نووية تهدد بها السلام العالمي المتأرجح أصلاً؟! حان الأوان أن يُقال ما قد يكون قد فات أوانه غدًا.. ما زاد من قلق إسرائيل تزامن نشر تلك القصيدة (النووية) مع ردود الفعل التي أثارتها الرسالة المفتوحة التي نشرتها مجموعة من كبار الفنانين المسرحيين البريطانيين في صحيفة «الغارديان» اليومية البريطانية بمناسبة «يوم الأرض» الفلسطينية، التي تدعو إلى سحب الدعوة الموجهة إلى مؤسسة المسرح القومي الإسرائيلي «هابيما»، للمشاركة في مهرجان مسرح «غلوب تو غلوب شكسبير». وتقول الرسالة إن استضافة «هابيما» ذات السجل الحافل والمخزي بالتورط في العمل في المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يعني أن «غلوب» تربط نفسها بسياسات العزل التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين. وأضافت الرسالة: «إننا نطالب (غلوب) بسحب دعوتها حتى لا يصبح المهرجان مقرونًا بانتهاكات حقوق الإنسان». وليست هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها هذا النوع من الانتقادات من قبل مفكرين وفنانين بريطانيين، فهنالك العديد من الأسماء البريطانية اللامعة التي عبرت بصراحة وشجاعة عن إدانتها لإسرائيل ودعمها لحقوق الفلسطينيين بدءًا من الفيلسوف الشهير برتراند رسل والمؤرخ الكبير أرنولد توينبي والممثلة المعروفة فانيسيا ردجريف والنائب جورج جالاواي وليس نهاية بحملة المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل في الجامعات البريطانية والمطالبة بعدم شراء منتجات المستوطنات.