أوروبا تنبذ اليهود بالفعل.. ويمكن رؤية هذا الشعور لدى الأديب الألماني جونتر جراس الحاصل على جائزة نوبل في الآداب عندما نشر قصيدة مناهضة لإسرائيل في الصحف الأوروبية مؤخراً. ووفقاً لاستطلاعات الرأي العام فإن ما بين 70 و80% من الألمان يؤيدون وجهة نظر جراس المناهضة لإسرائيل التي عبر عنها في القصيدة. وقد حصلت صفحة «ندعم جونتر جراس» على موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيس بوك على آلاف المؤيدين، وكشف استطلاع للرأي أجرته صحيفة (فاينانشال تايمز) البريطانية عن شعبية كبيرة لجونتر جراس في أوروبا، حيث بلغت نسبة الذين يرون أراء جراس ضد إسرائيل «خطيرة» أو «معادية للسامية» 8% فقط ممن شملهم المسح في حين اعتبر 57% منهم هذه الآراء «صحيحة» وقال 27% منهم إنها آراء «تستحق المناقشة». معنى هذا أن إجمالي الذين يرون آراء جراس المناهضة لإسرائيل صحيحة أو تستحق المناقشة يبلغ 84%. وإذا أجري استطلاع مماثل للرأي عن مذبحة تولوز سوف تجد أن أغلب الأوروبيين يعتبرون الشاب المسلم محمد مراح الذي نفذ المذبحة ضحية وأن اليهود الذين قتلوا فيها مجرمون. وسيتحدث الأوروبيون عن «جرائم اليهود والصهاينة وقتلهم للأطفال الفلسطينيين ولذلك يستحق هؤلاء اليهود ما يحدث لهم». وربما يخفف من حدة الموقف وجود العديد من الكتاب الشجعان الذين انتقدوا قصيدة جراس باعتبارها «تشهير دموي مروع» وبينهم دانيال جولدهيجن وليون دي فينتر ومارسيل ريتش رانيكي. ولكن الشعور العام تجاه القصيدة في أوروبا هو التأييد العميق لها. وقد ركز الإعلام الأوروبي على قرار إسرائيل حظر دخول جراس إلى أراضيها. ونشرت صحيفة (ديلي تيليجراف) البريطانية مقالاً شبهت فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو بجوبلز، وزير إعلام النظام النازي في ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما كان يحرق الكتب. في حين أن افتتاحية صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) الأمريكية اعتبرت المسئولين الإسرائيليين مثل ملالي إيران. بل إن الكاتب سلمان رشدي كتب على موقع المدونات الصغيرة توتير تغريدة مؤيدة لجراس. والألمان أحبوا القصيدة للغاية لآن جراس ألهب مشاعر كراهيتهم لليهود بطريقة جميلة. وفي مقابلة مع مجلة دير شبيجل الألمانية عام 2001 قال جراس إن «إسرائيل لا تحتاج فقط إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة، فالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وإقامة المستوطنات عليها هي أنشطة إجرامية من جانب إسرائيل. وهذا لا يجب أن يتوقف فقط وإنما يجب أيضاً التراجع عما تم في الماضي وإلا فلن يتحقق السلام». بالنسبة لجونتر جراس فإن إسرائيل لا يجب أن تنسحب فقط من الخليل والقدس وإنما يجب أيضاً أن تترك مدينة حيفا وتل أبيب والناصرة (أي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 التي أقيمت عليها دولة إسرائيل نفسها). كم كاتب عمود شهير في أوروبا قال قبل مذبحة عائلة فوجل إن الفلسطينيين لهم الحق في تنفيذ هجمات من هذا النوع؟ (إشارة إلى العملية التي نفذها شاب فلسطيني يدعى أحمد عواد سنة 2011 ضد أسرة يهودية في مستوطنة إيتمار بالضفة الغربية حيث قتل خمسة من أفردها وحكمت عليه المحكمة العسكرية الإسرائيلية بالسجن المؤبد 5 مرات). إن جونتر جراس كتب ما يؤمن به أغلب الغربيين. ويجب ترجمة نتائج استطلاعات الرأي العام إلى خلاصة واحدة مطلقة وهي أن الأوروبيين يعتبرون إسرائيل كيانا غير شرعي وأنها سبب كل الشرور ووراء كل الاضطرابات لذلك يجب تخليص الشرق الأوسط منها في أقرب وقت منها. هذه ليست ظاهرة ألمانية فقط. فخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية قال أغلب الأوروبيين إن إسرائيل «أكبر تهديد للسلام العالمي» وفقاً لاستطلاع رأي أجرته المفوضية الأوروبية في ذلك الوقت. هناك تعبير ألماني يقول «شوينه تسايتن» أو «الأيام الخوالي الجميلة» وهو مقتبس من ألبوم صور كورت فرانز آخر قائد لمعسكر تربيلنكا لإبادة اليهود في ألمانيا النازية. ودعونا نكون صرحاء ونقول إن الضمير الغربي في شوق بالغ إلى «هذه الأيام الخوالي الجميلة» التي كان يكره فيها كل ما هو يهودي. * (يديعوت أحرونوت) العبرية