الكاتب الألماني جونتر جراس يرى دولة إسرائيل خطراً على السلام العالمي. وهو يعتقد أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية وتهدد إيران التي تتطلع إلى الحصول على ترسانة نووية. بعد الانتقادات التي تعرض لها جراس بسبب القصيدة التي نشرها لتوصيل هذه الرسالة في صحيفة (سويدويتشه تسايتونج) اليومية بألمانيا قال جراس: إنه يجب التمييز بين الدولة الإسرائيلية وحكومتها. فهو غير قلق من إسرائيل ولكنه قلق من حكومة رئيس وزرائها بنيامين نتينياهو بحسب قوله. الحقيقة أن الانتقادات وردود الأفعال على القصيدة ركزت على الرجل ولم تركز على مواقفه. فالرافضون له تذكروا ماضيه كجندي في صفوف قوات الرايخ الثالث النازي وهو الماضي الذي حجبه حتى سنواته الأخيرة. وسارع وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشاي بإعلان غونتر جراس شخص غير مرغوب فيه داخل إسرائيل. معنى ذلك أنه إذا استقل طائرة قادمة إلى إسرائيل ووصل إلى مطار بن جوريون وسلم جواز سفره إلى ضابط الجوازات فسيجد في انتظاره رجل شرطة يدفعه دفعا لكي يركب أول طائرة تابعة لشركة الطيران الألمانية لوفتهانزا في طريق عودتها إلى فرانكفورت وربما من الأفضل إلى ميونيخ حيث كان جنديا يطيع أوامر النازي هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية. يمكن تفهم الغضب الناجم عن هذه القصيدة ولكن من الصعب قبول رد الفعل المبالغ فيه عليها. عندما يقول وزير الداخلية إنه «إذا أراد جراس مواصلة نشر أكاذيبه وأعماله المشوهة أعتقد أن عليه فعل ذلك من إيران حيث يمكن أن يجد جمهورا مصغيا»، فإن هذا الوزير لم يدرك المفارقة الواضحة في تصريحاته. فالرجل يرفض السماح لجراس بدخول إسرائيل لأن الرجل نشر قصيدة تحدث فيها عن أنظمة الحكم الظلامية كتلك الموجودة في كوريا الشمالية وإيران. الخلط بين مواقف الرجل ضد إسرائيل الآن وتاريخه كجندي في القوات النازية يمثل رد فعل خطير للغاية ويستثير ردود فعل حادة ضد إسرائيل. في المقابل فإن تصريح رئيس الوزراء نتينياهو الذي قال فيه: إن عمل جراس «يعبر عن مواقف جاهلة ومخزية يجب على أي إنسان عادل في العالم أن يدينها» يبدو تصريحا مقبولا كجزء من النقاش العام حول القضية. إن استخدام إيشاي لسلطاته الحكومية بهذا الشكل غير قانوني. فأي اعتراض على مواقف جراس يجب أن يتم من خلال أطر الديمقراطية والليبرالية التي تسمح لأي شخص بالتعبير عن رأيه مهما كانت استفزازية. جونتر جراس الحاصل على جائزة نوبل للآداب لم يفعل أكثر من كتابة قصيدة شعرية. ولكن دولة إسرائيل ردت على القصيدة من خلال وزير داخليتها بطريقة هستيرية تضر أكثر مما تفيد. - افتتاحية ( هاآرتس) العبرية