تقول الحقائق الجغرافيّة إنَّ مساحة الدُّول العربيّة تقدَّر ب (14) مليون كيلومترٍ مربع. في المقابل نجد أنَّ المساحة المسكونة تقدَّر بحوالي 10%، في حين أنَّ السُّكان العرب يمثّلون 5% من سكان العالم. دعونا نستعرض هذه الحزمة من المفارقات المبينة على حقائق الواقع؛ إنَّ العالم العربي يمتلك مساحات كبيرة من الصحارى، إلاَّ أنَّنا نجد أنَّ هذه الصحارى هي مصدر الثروة الأوّل في العالم العربي، وعلى الرّغم من ذلك نجد هناك من يقوم بقلب الحقائق، ويؤكد على أنَّ لدينا مشكلة سكانيّة، ما أدَّى بزعمهم إلى القول بأنَّ الزّيادة في عدد السُّكان في العالم العربي هي التي تعيق النُّمو الاقتصادي؛ بل وصل الحال (هنا) إلى تعطيل الكثير من المشاريع الحيويّة تحت ذرائع افتقارنا للأرضي.. فأي باطل هذا؟ خذوا المفارقة التي تبطل تلك المماحكات الضَّارة. فهذه اليابان بجزرها الشّهيرة بالبراكين تبلغ مساحتها ثُلث مساحة مصر، ويبلغ عدد سكانها في المقابل ضعف عدد سكان مصر، وهي تستورد المواد الخام في كلّ الصّناعات حتّى البترول. وعلى الرُّغم من ذلك كلّه نجدها حازت قصب السّبق في المجال الصّناعي؛ بل تُعدّ في طليعة الدُّول الصناعيّة! ثمَّ خذوا المثال الثَّاني.. إنَّها السودان - قبل التّقسيم- تبلغ مساحتها ربع مساحة أوروبا، ويبلغ عدد سكانه 3% من عدد سكان أوروبا، أي أنَّ كثافة أوروبا أكبر بكثير من كثافة السودان الغني بالثّروات الطّبيعيّة، وعلى الرّغم من ذلك كلّه نجد أنَّ المشكلة الاقتصاديّة تتفاقم في السودان وليس في أوروبا! ثم انحرفوا إلى الشرق وخذوا الصين التي تعتبر من الدُّول العظمى، فمساحتها تبلغ 9 مليون كيلومترٍ مربع، ويبلغ عدد سكانها مليار و 300 مليون نسمة تقريباً. أي أنَّ مساحة الصين تقلّ عن مساحة العالم العربي بما يقارب ال 5 مليون كيلومترٍ مربع ويزيد عدد سكانها عن العالم العربي بما يقارب المليار نسمة. ثم اتّجهوا إلى الغرب الأقصى إلى الولاياتالمتحدة التي تبلغ مساحتها 9 مليون كيلو متر مربع، ويعيش فيها ما يقارب عدد سكان العالم العربي، وعلى الرّغم من ذلك لا تزال بحاجة للهجرات التي ترفد تطورها وتصنيعها. بذلك يتضح أنّ المشكلة الاقتصادية لا علاقة لها بالكثافة السكانيّة. فأين تكمن المشكلة إذن؟! تكمن حقيقة المشكلة الاقتصاديّة في الإنسان؛ في درجة وعيه، وفي حقيقة فعاليته. إنَّ معدل ساعات العمل للفرد الواحد في اليابان، على مدار السّنة، هو سبع ساعات في اليوم. في المقابل نجد أنّ المعدل في مصر - كما يشير الأستاذ بسام جرار- هو أقل من ربع ساعة، نعم ربع ساعة. إذا عرفنا ذلك ندرك أنَّ المشكلة في مصر لا تكمن في عدد السكان؛ بل في واقع الإنسان، فكيف لا يكون هناك مشكلة اقتصاديّة وسكانيّة في الوقت الذي تعادل فيه فعالية الياباني الواحد فعالية 28 مصريّاً. أمّا (هنا) في السعودية فلكم الحسبة؛ فأهل مكة أدرى بشعابها؟!