إذا كانت الأرقام لا تكذب، فهي تقول إن الغرب سينتهي يوماً، ويرثه العرب والمسلمون والكاثوليك والهند، فاحصاءات الولادة حول العالم تظهر اتجاهاً ثابتاً منذ سنوات هو انخفاض سكان الدول الغربية وازدياد سكان بقية العالم. أثار اهتمامي بالموضوع احصاءات ومعلومات عن دول العالم نشرتها جريدة «الغارديان». فقارنتها بأرقام أخرى من الأممالمتحدة واستعنت بالباحثين في «الحياة» لأطلع بصورة عن شكل هذا العالم بعد سنوات، وهذا يعني أنني إذا أخطأت اليوم فلا أحد يستطيع محاسبتي قبل انقضاء عشرين سنة أو ثلاثين، عندما أكون قد نسيت اسمي، أو نسيني القارئ. في الغرب نسبة الأولاد لكل أم هي دائماً تقريباً دون اثنين، ما يعني أن عدد السكان في كل بلد سينقص مع مرور السنين. ومثلاً في فرنسا المعدل هو 1.9 وفي بريطانيا 1.8، وفي المانيا 1.4، وفي هولندا 1.7، وفي روسيا 1.3، وفي أوكرانيا 1.2، وهذه الأخيرة لها أقل معدل قرأت. كان الاستثناء ايسلندا حيث المعدل اثنان، إلا أنني أرجح أنهم يطلبون الدفء هناك، وفي الولاياتالمتحدة المعدل نفسه، إلا أنني أفسره بارتفاع عدد المهاجرين، خصوصاً من أميركا اللاتينية. وقرأت أن معدل الأولاد لكل أم في الصين هو 1.7 مقابل 2.9 في الهند، ما يعني أن الثانية ستصبح أكثر دول العالم كثافة سكانية في العقد المقبل، ففي الصين اليوم 1.3 بليون نسمة مقابل 1.16 بليون في الهند. الدول المسلمة كلها تظهر نسبة أكبر للأسر، وهي في أندونيسيا 2.2 لكل أم وفي باكستان 3.6، وفي ايران اثنان. أما في الدول العربية فأعلى نسبة هي في اليمن 5.6، والعراق 4.4، وسورية والأردن 3.2 لكل منهما ومصر 3، وليبيا 2.8، ولبنان والكويت 2.2 لكل منهما. والواقع أن دول الخليج نسبها متشابهة وفوق اثنين ودون ثلاثة (جزر القمر 4.5). إذا لم نهزمهم في ميدان المعركة فلا أقلَّ من أن نهزمهم في غرفة النوم. الأرقام العربية مشجعة في أمرين مهمين هما التعليم والإيدز. الإجصاءات عن الغرب تكتفي بالقول إن نسبة التعليم 99 في المئة، وأحياناً أعلى من ذلك بكسور عشرية. وفي حين أن النسب العربية أقل إلا أنها تظهر تقدماً أكيداً في مجال التعليم في كل بلد خصوصاً في دول الخليج. وهي في البحرين 88 في المئة، وفي السعودية 85 في المئة، وفي عمان 84.4 في المئة، وفوق 90 في المئة في الإمارات وقطر والكويت. وفي كل هذه البلدان نسبة النساء المتعلمات أقل من الرجال باستثناء قطر فهي 90.2 للرجال و90.3 للنساء، ولعل الأرقام تعكس جهد الشيخة موزة المسند، قرينة أمير البلاد. بين أعلى نسب التعليم العربية ما نجد في الأراضي الفلسطينية وتبلغ 93.5 في المئة، وفي الأردن 93.1 في المئة (96.5 رجال و89.4 نساء)، ثم لبنان 86.5 في المئة (92.4 رجال و81 نساء) وليبيا 86.8 في المئة (94.5 رجال و78.4 نساء) والعراق 74 في المئة (84.1 رجال و64.2 نساء). ومن التعليم الى الإيدز، فالدول العربية بين أقل دول العالم اصابة بهذا المرض الجنسي الخطر، وغالبية الدول العربية لا تتجاوز الإصابة فيها عُشر واحد في المئة. وقد استطاعت الدول الإسلامية الأخرى أن تحمي نفسها بالنسبة نفسها كما هي الحال في أندونيسيا وباكستان. ونجحت الدول الغربية بفضل التعليم والطبابة في حصر انتشار المرض على رغم الإباحة المعروفة، فالإصابة عادة دون واحد في المئة. المصيبة الكبرى هي في أفريقيا، والأرقام مخيفة بالنظر الى سهولة انتشار المرض، وبين الأرقام المسجلة نيجيريا 3.9 في المئة، وكينيا 6.1 في المئة، وليبيريا 5.9 في المئة وتانزانيا 6.5 في المئة وأوغندا 6.4 في المئة. أسوأ الأرقام كانت عن ملاوي 14.1 في المئة وموزامبيق 16.1 في المئة، ثم زامبيا 17 في المئة، وزيمبابوي 20.1 في المئة، وليسوتو 23.2 في المئة. هل تنقرض هذه الدول؟ أرجو أن يجد العالم المتقدم العلاج، وأن تساعد الدول القادرة والمنظمات الدولية شعوب أفريقيا المنكوبة بالإيدز لأن الوضع مأسوي الى أبعد الحدود، ومتوسط العمر في زامبيا وزيمباوي وملاوي هو في حدود 40 سنة مقابل 80 سنة أو أكثر في أوروبا. وسط البحث عن أرقام التعليم ومتوسط العمر والدخل والطبابة وغيرها وقعت على اسم ميكرونيزيا التي أعرفها من تصويتها في الأممالمتحدة مع الولاياتالمتحدة واسرائيل. ووجدت ان هذا البلد العظيم مساحته 270.6 ميل مربع ويسكنه 108 آلاف مواطن وعملته الدولار. وهنيئاً لإسرائيل بميكرونيزيا ضد بقية العالم. على الجانب الآخر من الحجم والسكان الصين مساحتها 3.7 مليون ميل مربع وفيها 1.3 بليون نسمة، والهند 1.3 مليون ميل مربع و1.16 بليون نسمة، والولاياتالمتحدة 3.8 مليون ميل مربع و301 مليون نسمة، والبرازيل 3.3 مليون ميل مربع و184 مليون نسمة. أما أكبر الدول العربية حجماً فكانت الجزائر 919 ألف ميل مربع والسودان 967 ألف ميل مربع والسعودية 865 ألف ميل مربع. وأعرف أن في العالم العربي ألف علّة وعلّة، إلا أن الأرقام لا تكذب وبعض الأرقام العربية جيد.