من القضايا التي قام علماء النفس وعلماء الاجتماع بدراستها وتحليلها في مجتمعات عديدة، الظاهرة السلوكية المعروفة ب «تحقيق الذات» أو «إثبات الذات». وهذه الظاهرة يمكن ملاحظتها لدى الأطفال الصغار، حيث يمارسون بعض السلوكيات - سواء كانت إيجابية أم سلبية- بهدف إثبات وجودهم وإظهار شخصياتهم للآخرين. ولو نظرت إلى نفسك، وراقبت تصرفاتك بعفوية، فسترين أنك تمارسين سلوكيات مشابهة، ولكنها متوافقة مع عمرك. وليس في هذا أي عيب أو خطأ. فحينما قال صلى الله عليه وسلم «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر»، سألوه: «يا رسول الله الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا. فمن الكبر ذاك؟» فقال: «لا إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس». فاعتناؤك بمظهرك وأناقتك وحسن صورتك أمام الناس أمر طبيعي، بل أمر محبب، ولابد أن تعطيه شيئا من وقتك واهتمامك. المهم ألا يطغى هذا الاهتمام على تفكيرك فيصبح «هوسا» بالجمال أو الزينة أو الملابس أو الحلي. كما أن الاهتمام بالمظهر المناسب لعمرك ومستواك الاجتماعي يدل على شخصية إما متمردة على «الأنوثة»؛ مما قد ينتج عنه تشبه بالذكور، أو يدل على شخصية انطوائية كارهة لنفسها، لا ترى أحقيتها في العيش بمستوى يتناسب مع ما يسره الله تعالى لها من نعم مباحة. كثير من الناس يبني انطباعه الأول عن الشخص الذي يقابله من خلال مظهره. ثم تأتي بعد ذلك العوامل الأخرى التي تفصح عن شخصية الإنسان وتكشف جزءا من جوانب فكره وخلقه، إضافة إلى منطقه. والمقصود به هنا المنطق القولي الذي يحكيه الشخص بلسانه، والمنطق الذي ينتهجه الشخص للتفكير والنظر في الأمور في الأمور وتحليلها والحكم عليها. أنت عندما تهتمين بمظهرك باعتدال، وذوق متوازن، ومراعاة لأحوال الناس وظروفهم من حولك، إنما تقدمين صورة حقيقية عن ذاتك. والناس تقرأ السلوك عبر اللقاء المتكرر أكثر من الشكل الخارجي، أو الكلمات المنتقاة. يقول الشاعر: ومهما يكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected] twitter: @mshraim