الحب من أبرز المشاعر الإنسانية، وهو شعور نبيل، ينتقل بالإنسان درجات عالية في سماء مفتوحة الآفاق من الرقي والسعادة والإبداع. ولا يقدِّر أحد قيمة الحب مثل شخص عاش حياته محروما منه. وربما لو قام أحدنا بالبحث في مواقع الانترنت، لوجدت أن هذه الكلمة (الحب) تحتل مساحات ضخمة من الصفحات وأعدادا هائلة من المقالات. ولكن يبرز هنا تساؤل مهم: هل هناك من يتكلم أو يطالب بأن يحب الإنسان نفسه؟! يستخدم هذا التعبير كثيرا في نقد سلوك شخص ما أو شخصيته، عندما يوصف بأنه (يحب نفسه). ولكن، هل يوجد إنسان لا يحب نفسه؟! من لا يحب نفسه إنسان غير طبيعي. إنه يفقد شهيته للحياة ربما دون أن يشعر. وليس من المبالغة أن نقول إن كل شخص فكر في الانتحار أو أقدم عليه، فهو من المؤكد إما شخص لا يحب نفسه وإما فاقد لعقله. ولكن حب النفس، مثل أمور كثيرة أخرى، ينبغي أن نتعامل معه باعتدال، فلا إفراط ولا تفريط. بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جعل حب النفس مرجعا لأمر سلوكي تستقيم به المجتمعات، حيث قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وهذا يؤكد أن حب الإنسان لنفسه أمر فطري، خلقه الله تعالى في نفوس البشر. حبك لنفسك أمر ينبغي الاعتناء به كثيرا، فهو مفهوم يخطئ كثيرون في فهمه والتعامل معه. لا تكوني كالذين فهموا التغذية الجيدة بأنها كثرة الأكل حتى لا يفتقد الجسم أيا من المركبات الغذائية الضرورية؛ فانتهى بهم الحال إلى سمنة مفرطة. فالحياة قامت على التوسط والاتزان، وحب الإنسان لنفسه بتوازن وتوسط هو السبيل لنجاحها ونجاتها. فمن لم تحب نفسها فلن تستطيع العيش في عالم مليء بالاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected] @mshraim