أقام النادي الأدبي في منطقة حائل يوم الاثنين الماضي محاضرة بعنوان: «موقف الإسلام من التفسير التاريخي عند الغرب» قدمتها الدكتورة مرفت علي عمر إبراهيم، في القاعة الثقافية بمقر النادي بمدينة حائل، بإشراف وتنظيم اللجنة المنبرية في النادي. في البداية قدّمت المحاضرة أمجاد عبدالرحمن عرضًا موجزًا عن السيرة العلمية للمحاضرة الدكتورة مرفت والتي تشغل حاليًا منصب أستاذ التاريخ الحديث المساعد بكلية الآداب والفنون في جامعة حائل، وهي أكاديمية متخصصة في التاريخ الحديث والمعاصر، ولها عدد من الدراسات والأبحاث التاريخية المنشورة، ولها كتاب مطبوع، بالإضافة إلى أنها أديبة وشاعرة ولها ديوان شعري مطبوع. وبدأت الدكتورة مرفت بتحديد محاور المحاضرة، وكانت المقدمة عن ارتباط الإنسان بماضيه ونظرته إلى الحياة والقوى المؤثرة في تكوينه وظهور ما يسمّى بفلسفة التاريخ وكيف ظهرت النظريات الفلسفية والعلمية التي تحاول تفسير الماضي ولكل منها مذهبها في القوى التي تحرك التاريخ، وقالت الدكتورة مرفت: لقد تعرّض ابن خلدون لتعريف التاريخ ووضع علة لأحداثه مما يجعلنا نضعه في أول الباحثين عن علة التاريخ وتفسيره عند العرب، أما أول من تكلم في هذا الشأن من الغرب فهو القديس أوجستين عندما قرأ التاريخ القديم وفسره تفسيرًا دينيًا ليستخلص منه ما يؤكد فكرة غرق الجنس البشري في الخطيئة واستحقاقه ما أصابه من حروب. وقالت عن نظرية التفسير المثالي للتاريخ: يعتبر هيجل في جملة المثاليين القائلين بأن الفكر أو الفكرة أساس كل ما هو موجود وأن الأفكار هي التي تُسِير التاريخ، وقد كان المفكرون من غير المدرسة الهيجلية يقولون إن الرأي هو الذي يحكم الدنيا، فكانوا بذلك واحديين في تفكيرهم، أما هيجل فكان ثنائيًا يؤمن بأن هناك عنصرين متميزين يختلف كل منهما عن الآخر، وهما العنصر الروحي، والعنصر المادي يجتمعان في روح واحد أو فكر واحد يعتبرها القوى العليا التي تحرك كل شيء وهو العقل المطلق، ولكنه ليس العقل أو الفكر الإنساني العادي بل العقل الأعلى الذي يوجّه الكون، كما تحدثت المحاضرة عن التفسير المادي للتاريخ لدى سان سايمون، وكذلك تطرّقت إلى كارل ماركس والمادية التاريخية. وتحدّثت عن موقف الإسلام من نظريات تفسير التاريخ، وقالت: إن ثمّة حقيقة أساسية تبرز واضحة في القرآن الكريم هي أن مساحة كبيرة في سوره وآياته قد خصصت للمسألة التاريخية التي تأخذ أبعادًا واتجاهات مختلفة تندرج بين العرض المباشر والسرد القصصي الواقعي لتجارب عدد من الجماعات البشرية. وأضافت: الإسلام يرفض معالجة الفكر الغربي للوقائع التاريخية لأنه يقصي العناصر الغيبية من مراجع المعرفة التاريخية ويبني فرضياته على التجربة والعقل، كما أن الإسلام يرفض قول هيجل في أن التاريخ لا يصلح للعظة والعبرة، لأن الإسلام أورد لنا قصص السابقين ليكونوا لنا عبرة حتى لا نقترف آثامهم فيصيبنا ما أصابهم. وختمت المُحَاضِرةُ ورقتها بالتأكيد على خطأ نظرية ماركس الذي يرى عدم ثبوت أبدية الأشياء وأنه لا يوجد قانون مطلق أو أخلاق مطلقة في هذا العالم، إنما هي انعكاسات لأسلوب الإنتاج، وأشارت الى أن نظرية ماركس تنقض نفسها فهو لا يرى شيئًا ثابتا بينما هو يثبت نظريته عن التاريخ ويجعلها صالحة لكل زمان ومكان، أي هي قيم ثابتة للمجتمع الإنساني. المحاضرة شهدت العديد من المداخلات، وكانت أولاها مداخلة صوتية من الدكتورة كاميليا ضيف الله، ثم سؤال مكتوب من محمد مشل الشمري، ومداخلة صوتية للروائي ناصر الهواوي.