عُرفت العصا في كثير من المجتمعات في العالم منذ قديم الأزل، واستخدمتها الشعوب العربية قديمها وحديثها، حتى أصبحت ضمن السمات الشخصية لعدد من المجتمعات، وضمن الزي الرسمي لمجتمعات أخرى. واستخدم الإنسان العصا في كثير من المهام، ربما أشهرها ما لخصه رسول الله موسى صلى الله عليه وسلم، متحدثا عن عصاته، كما ورد في القرآن الكريم: «هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى». تلك المهام التي وردت في الآية الكريمة تعد هي الأكثر استخداما للعصا، كما أن «المآرب الأخرى» عرفها الناس بالممارسة فيما بعد، ومنها ما تناقلته الثقافة العربية من أن «العصا لمن عصى»، أي للتأديب والعقاب، كما تستخدم أيضا في ساعات الصفا، لتكون أداة للرقص، وهو ما تفعله كل الشعوب العربية بلا استثناء، حتى وإن اختلفت الرقصات. وقديما كانت تصنع العصي من غصون الشجر، ولكن منذ أن عرف الإنسان الخيزران، أصبح هذا النبات هو سيد صناعة العصي وأكثرها انتشارا، رغم وجود أنواع أخرى منها باهظة الثمن. والخيزران نبات يحمل اسمه أكثر من ألف نوع من الأعشاب العملاقة ذات جذوع شبه خشبية، وأغلب أنواعه ذات جذوع مجوفة ومقسمة إلى عقد أو مفاصل، ويستخدم أيضا في صناعة بعض قطع الأثاث المنزلي العملية، وينبت شجره في كل القارات، ماعدا في أوروبا والقارة القطبية الجنوبية. العصا المعقوف ومن الأنواع المتداولة للخيزران ما يسمى «الباكور» وهي كلمة تركية الأصل، وتصنع منها العصي التي تحمل رأسا معقوفا ويستخدمها كبار السن للتوكؤ عليها، ويستخدمها الشباب في الرقص، والرعاة في رعي الغنم والذود عنها، أما عصا «المنساة» أو المثني، فهي التي يستخدمها المرضى والضعفاء والتي تعينهم على المشي، ويوجد ما يسمى ب»الكرباج» وهي أيضا كلمة تركية الأصل وتعني السوط، وهي عبارة عن عود طويل ورفيع من الخيزران، يكون مرنا في أغلب الأحيان، وله عدة أشكال. ويعتبر الخيزران من أسرع النباتات نموا، فقد وجد أن بعض أنواعه تنمو بمعدل 91 سم في اليوم، وللخيزران العديد من الاستخدامات الأخرى، حيث استخدم الصينيون سيقانه الغليظة في نوع «البامبو» المجوفة في صناعة الورق منذ ألفي عام، ومازالت تنتج منه أنواعا حتى الآن، كما صنعت منه الأكواخ والأثاثات المنزلية. وعرف الخيزران عند العرب وتعددت استخداماته أيضا بتعدد أنواعه، حيث استخدمه العرب في صناعة أعواد الرماح وغيرها من أسلحة الحرب، كما تصنع من بعض أنواع نبات الخيزران المجوف «الغاب» آلات موسيقية مثل الناي والكولة والسلامية وغيرها، كما تصنع من الخيزران لوحات فنية وأدوات للمطبخ. أنواع واستخدامات يقول بائع الخيزران عبدالله المنسي: ان للخيزران أنواعا عديدة وكل نوع له استخدام يختلف عن الآخر، وبعض الأنواع لها أكثر من استخدام، وقال ان ذا الرأس المدبب يُستخدم في المشي من كبار السن خصوصا الفقراء لأن سعره أرخص. ويضيف المنسي انه يوجد نوع متوسط السمك كان يستخدم في الماضي في المدارس من قبل المدرسين، وقد قل الطلب عليه نظرا لانحسار ظاهرة العقاب بالعصا في المدارس عن الأوقات السابقة، وهناك نوع آخر يبدو رفيعا وهذا يستخدمه الشباب كنوع من التظاهر أمام الآخرين بامتلاكه، كما يتم استخدام نفس النوع للرقصات الشعبية في المناسبات، ويتم تزيين هذا النوع الرفيع من الخيزران «وزخرفته» بشريط ملون لإضفاء مزيد من الجمال على العصا ولا تختلف قوة أو استخدام أي عصا عن الآخر باختلاف اللون، وإنما تم إضافة هذه الألوان لمراعاة اكبر عدد من الأذواق عند الشراء.