جاءت قضية المحامي المصري أحمد الجيزاوي الذي قُبض عليه في مطار جدة، وفي حيازته أقراص مخدرة محظور تداولها، في فترة حساسة للجانبين السعودي والمصري، وفي وقت لم تستقر فيه الأمور بعد على الجانب المصري. وهو ما انعكس على التفاعلات وردود الفعل السلبية التي تجلّت في المظاهرات أمام السفارة السعودية، رُفعت فيها شعارات معادية للمملكة بشكل منافٍ لكل الأعراف والقوانين الدولية، ناهيك للعلاقات بين الأشقاء. وهي مظاهرات انتقلت أيضًا لقنصليتي المملكة بالإسكندرية والسويس. ****** وهناك مَن رأى أن تأخير إصدار بيان توضيحي من الجانبين السعودي والمصري قد عزَّز من التخرّصات التي ادّعى قائلوها بأن إيقاف الرجل تم على خلفية انتقاده للحكومة السعودية، ورفعه دعوى أمام القضاء الإداري المصري، اختصم فيها العاهل السعودي للمطالبة بإطلاق سراح المصريين المعتقلين "خارج القانون" داخل السعودية! وهو أمر أوضحه أكثر من بيان للسفير السعودي، في أكثر من قناة تلفزيونية، وفضائية مصرية بيّن فيه الصورة كاملة، وكشف حقيقة القضية، بل وإطلاع الجانب المصري على تفاصيلها منذ البدايات الأولى لها. فإذا كان هناك "تقاعس" من الخارجية المصرية، أو من السفارة في الرياض، أو القنصلية المصرية في جدة، كما يقول كثير من المراقبين المصريين، فإن هذا خارج عن مسؤولية الجانب السعودي. ****** وهدفنا هنا ليس إدانة هذا الطرف أو ذاك، بل محاولة رأب الصدع، والانطلاق من هذه القضية لما يخدم العلاقات المتميّزة بين المملكة ومصر. وقضية الجيزاوي سيتناولها القضاء السعودي بشكل بعيد عن كل المؤثرات الخارجية، واضعًا في الاعتبار أنه "متّهم" يُحقق معه لمعرفة كل الملابسات للوصول إلى حكم عادل. وهو حرص أكّد عليه تطوّع مجموعة من المحامين السعوديين للدفاع عن الجيزاوي، وذلك "حرصًا منهم على العلاقات الطيبة التي تربط الشعبين المصري والسعودي". ****** وأرى أنه مهما كانت نتيجة هذه القضية، فإنها فتحت ملف العلاقات بين المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية. الأمر الذي يجعلني أقترح دراسة إنشاء لجنة سعودية - مصرية مُشتركة من وزارات: الداخلية، والخارجية، والعمل، وهيئات الاستثمار، والجهات ذات العلاقة، من الجانبين لبحث وتقصّي كافة القضايا الثنائية، ومنها القضايا المتعلّقة بالعمالة المصرية في المملكة، ومشكلاتها. وبحث كافة القضايا الأمنية بين الجانبين، بما فيها قضايا المسجونين بمختلف فئاتهم، سواء بقضايا إجرامية، أو غيرها... كذلك قضايا زوجات السعوديين، وأبنائهم، والاستثمارات السعودية في مصر ومشكلاتها.. إلى غير ذلك من القضايا المهمّة. وتقوم هذه اللجنة عند انتهاء عملها بوضع تقرير مُشترك، يلقي الضوء على كافة القضايا، وتوصياتها للتعامل مع القضايا، وتعميق العلاقات بين الدولتين الشقيقتين، ووضع الخطوات العملية اللازمة للتعامل مع ما يظهر من مشكلات قد تعيق تطوير هذه العلاقات.. وإصدار بيان إعلامي مُختصر بنتائج عمل اللجنة وتوصياتها. نافذة صغيرة: (إن أزمة الجيزاوي اتّخذت تطورات خطيرة؛ بسبب سوء الإدارة من جانب الحكومة المصرية في علاج الأزمة، واحتوائها بسرعة، ووضعها في نصابها القانوني، سواء كان الجيزاوي مخطئًا أم بريئًا، (...) والحكومة لم تعالج القضية بشكل دبلوماسي سريع).. الخبير السياسي د. محمد السعيد إدريس.