دخلت أمانة جدة مرحلة متقدمة جدا في مشروع تطوير المنطقة التاريخية وفقًا للمواصفات والمعايير العالمية المعتمدة من منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وتبدأ خلال الشهرين المقبلين في تنفيذ المشروع فعليا بالتعاون مع عدد من المكاتب الهندسية. ومن المرتقب أن يستغرق تنفيذ المشروع ما بين 5 إلى 10 سنوات، وبتكلفة استثمارية نحو 500 مليون ريال، على أن يتم تنفيذه على ثلاث مراحل، ليشمل مشاريع تطويرية وسياحية وخدمية، وبما يحول المنطقة التاريخية إلى نموذج للتراث العالمي. وانتهت أمانة جدة من عمل المخطط العام من خلال خبراء عالميين من بينهم دول إيطاليا والنمسا لتطوير المنطقة التاريخية، ومن ضمن المخطط الحفاظ على معالم سوق الندي وشارع قابل. وتشمل مشاريع التطوير إنشاء أنفاق تحتوي على شبكات للسلامة والمياه والكهرباء، إضافة إلى متاحف ومكتبات تاريخية وفنادق راقية بتصاميم تراثية، وكذلك ترميم وصيانة المباني التاريخية القديمة وتطويرها، حيث سيتم تنفيذه بضمان عدم الإضرار بأحجار الرصف الخاصة التي تستخدم في رصف أرضيات المنطقة التاريخية. وتتضمن مشاريع التطوير ترميم وإعادة تأهيل البيوت التاريخية وتوظيفها لاستخدامات مكتبية وسكنية وتجارية وإحياء موقع مركز حارات جدة القديمة، وإنشاء مركز لزوار جدة التاريخية وإنشاء فندق تراثي راقي الطراز وترميم مجسمات السفن القديمة، وكذلك بيوت الفنانين والتشكيليين والمصورين والممثلين وإنشاء متحف لمدينة جدة التاريخية.. وحسب دراسة أعدتها أمانة جدة لإنشاء مسار سياحي عالمي في المنطقة التاريخية، سيربط المسار السياحي المنطقة التاريخية بالكورنيش، بالإضافة إلى مسارات محددة، منها المسار الثقافي الذي يمر بالمباني الأثرية والثقافية، وستوضع فيه لوحات إرشادية بكل اللغات وخرائط إرشادية لتعريف السائح بشكل كامل عن المنطقة التاريخية، فسيكون لهذا المسار الأثر الأكبر في تشجيع السياحة. ويأتي المشروع ضمن ثلاثة مشاريع تطويرية بثلاثة مناطق على مستوى المملكة بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين وقامت الأمانة بمشاركة الهيئة العامة للسياحة والآثار، بتبني «مشروع الملك عبدالعزيز للمحافظة على المنطقة التاريخية بجدة وتنميتها»، بهدف الجمع بين سياسات الحماية والمحافظة وبرامج التأهيل والتنمية والتوظيف الجيد الذي يحقق رضا الملاك والتنمية المستديمة. ومن جهته أوضح رئيس لجنة المكاتب الهندسية بالغرفة التجارية الصناعية بجدة المهندس طلال سمرقندي أن اللجنة وقعت مع مدير المنطقة التاريخية بأمانة جدة مذكرة تفاهم، وسيتم اعتمادها لتأخذ شكلها النهائي. وأشار إلى انه تم الانتهاء من وضع المسارات السياحية لمشروع منطقة البلد التاريخية، وتم تقسيمه إلى ثلاثة مسارات رئيسية بحيث يكون المسار الأول في سوق الندى والثاني هو شارع قابل والثالث مسجد أبي عنبة. وأضاف: «سيتم تطوير وترميم المنطقة بما يحافظ على تاريخها وتراثها، مع إنشاء ممر سياحي للوصول إلى جدة ورصفها وفق أحدث خدمات الرصف العالمي، مع عمل مراكز سياحية جاذبة كوحدات لبيع التذاكر والهدايا والمتاحف والمطاعم والمقاهي بالإضافة إلى توفير دورات مياه، بحيث تكون منطقة جذب سياحي مثل منطقة السوليدير بلبنان. وأكد سمرقندى انه سيتم الحفاظ على حيوية المنطقة التاريخية وسكانها ونشاطاتها التجارية، ومعالمها التراثية العمرانية وتطبيق مبدأ الاستدامة بترميم وتشغيل المنطقة من خلال الكوادر المحلية. وبين أنه تم تقسيم المباني إلى ثلاث فئات الأولى ذات الأهمية التاريخية العالية مثل بيت نصيف ونور ولي وبيت البلد والثانية ذات الأهمية المتوسطة ثم المباني العادية. ولفت إلى أن أمانة جدة انتهت من أعمال الرفع المساحي لحوالي 164 مبنى من واجهاتها، وتم تصويرها بتفاصيلها من خلال استخدام أحدث تقنيات الليزر. يشار إلى أن المنطقة التاريخية حاليًا تضم أشهر وأقدم المباني منها: دار آل نصيف ودار آل جمجوم في حارة اليمن ودار آل باعشن وآل قابل والمسجد الشافعي في حارة المظلوم، دار آل باناجة وآل الزاهد في حارة الشام. وبلغ ارتفاع بعضها إلى أكثر من ثلاثين مترًا، كما ظلت بعضها لمتانتها وطريقة بنائها باقية بحالة جيدة بعد مرور عشرات السنين. ومن أشهر أسواق جدة القديمة سوق العلوي، سوق البدو، سوق قابل، سوق الندى، التي مازالت حتى الآن موجودة وتحوى لمسات من الحياة التقليدية ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي القديم التي تتركز حاليًا حول مساجد وأسواق المنطقة، حيث تنتشر بعض محلات الحرف الشعبية والتقليدية القديمة.