خلص المؤتمر العشرين للآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي، الذي عقد بالجزائر العاصمة مؤخرًا، إلى قرارات وتوصيات هامة تهدف إلى صون التراث وتوظيفه على النحو الأفضل لتنمية السياحة الثقافية حتى يكون التراث عنصرًا أساسيًا في التنمية المستدامة.. وكانت جلسات المؤتمر قد تناولت موضوع الحفاظ على التراث وحمايته من التعديات الفردية والجماعية من أجل الاهتمام بالتراث الوطني لما يمثله من مخزون في مجالات الاستثمار الثقافي والسياحي، كما تطرق أيضًا إلى الانعكاسات السلبية على التراث وخصوصًا على المواقع الأثرية والمجموعات المتحفية التي تعرض بعضها للنهب أثناء الثورات التي شهدتها عدد من البلدان العربية.. حول هذه المؤتمر وما دار فيه والتوصيات التي خرج بها تحدثت الدكتورة حياة قطاط القرمازي مديرة برنامج حماية التراث بالألكسو ل"الأربعاء" قائلة: كانت الدورة العشرين متميزة لأنه لأول مرة يتم تخصيص يوم كامل لعمل ورشات، وهذه الورشات شارك فيها مجموعة من الخبراء العرب وغير العرب المتميزين في تناول مسائل التراث وحفظه، ليتم في النهاية الخروج بمجموعة من التوصيات تبناها المؤتمر، وعرضها في الجلسة الختامية، وأخذت صدى كبيرًا، وهي توصيات منبثقة عن الورشة الثانية التي خصصت للتعاون العربي في مجال التعريف بالآثار والتراث على الصعيدين الوطني والخارجي بهدف توظيفه كأحسن ما يكون في منظومة التنمية المستدامة، ومن بين هذه التوصيات أن المؤتمر دعا منظمة اليونسكو إلى إعادة فتح المتحف الإسلامي بالقدس ومطالبة إسرائيل بتسليم إدارته إلى السلطة الفلسطينية واسترجاع كل القطع الأثرية التي تم الاستيلاء عليها، ومن جملة هذه التوصيات تم وضع خطة تنسيقية بين الهيئات المسؤولة عن الآثار والتراث والجهات الأمنية لإيجاد آليات عملية لإدارة الأزمات التي تهدد المواقع التراثية وخاصة العمل على درء المخاطر المحتملة قبل حدوثها، وبالنسبة للموضوع الرئيسي وهو الآثار والسياحة الثقافية أكد المؤتمر على الموائمة الدائمة بين ما تتطلبه السياحية الثقافية وبين ما يتطلبه التراث من حماية، إذا فتحت موقع للسياحة الثقافية ولم تأخذ بعين الاعتبار أن العدد الكبير للزوار الذين يتداولون عليه من شأنه أن يهدد سلامة ذلك الموقع.. وتابع القرمازي حديثها بقولها: أظن بأن ناقوس الخطر دق منذ فترة، والعالم العربي عاش أشواطًا من التقدم، فأطفالنا الآن يستعملون التقنيات الحديثة، ويدخلون على المواقع، ويعرفون بأن العالم المتقدم يعطي قيمة للآثار والتراث، ونحن أملنا في هذا الشباب، ونحن من جهتنا نعمل على المدى الطويل على نشر وتوثيق وجرد التراث عبر البرامج بالمحامل التقنية الحديثة، وكذلك على توحيد المصطلحات الفنية المتداولة في مجال التراث بعد الاستعانة بالخبراء والمختصين، ووضع دليل استرشادي عربي موحد سيكون جاهزًا قبل الندوة المقبلة حول حماية التراث الثقافي في أوقات الأزمات، المزمع عقدها بين 22 24 مايو المقبل. توثيق التراث رقميًا وتنتقل حياة بالحديث إلى مشروع القاعدة الرقمية لتوثيق التراث العربي قائلة: أمضيت حتى الآن سنة فقط على رأس إدارة برامج حماية التراث بالمنظمة، وهذا المشروع بدأ قبل مجيئي بقليل، يعني له سنة وهو أول نشاط نقوم به، حيث قمت بأنشطة أخرى من بينها وضع موقع على الإنترنت لسلسلة من الزيارات الافتراضية للمدن التاريخية في الوطن العربي بدأنا بمدينة تونس كمشروع نموذجي في انتظار نشر باقي الدول العربية المتحمسة لهذا المشروع، وهناك أيضًا مشروع هام سنعاود الانطلاق فيه من جديد ونعني به مشروع ذاكرة الوطن العربي الذي وقع نوع من التباطؤ في إنجازه والآن سنأخذ الأشياء بجدية أكثر، وهذا لا يعني أن الذين كانوا قبلي غير جادين بل كانت مشاغلهم كبيرة، ومن جهتنا سنعمل على تحقيق كل ما نصبوا إليه في ظل ما يحظى به ملف التراث من حيز كبير وهام وذلك بإدراج هذا القطاع الهام في مسيرة التنمية لأننا لسنا في حاجة إلى تراث متحجر جامد لا نفع له. مسؤولية وطنية وحول دور الألكسو في حماية الفضاءات الثقافية والأثرية من العمليات الإجرامية التي يتعرض لها التراث العربي من نهب منظم تضيف قطاط بقولها: معلوم أن الألكسو منظمة عربية دورها تنسيق الجهود العربية؛ لكن كل دولة نحترم استقلاليتها، فنحن نحث أو نعظ، لكن لا نستطيع أن نحل محل الدول؛ فمسؤولية المحافظة على التراث هي مسؤولية وطنية، ومع هذا المنظمة تستطيع أن تلعب دورًا بالتعاون مع اليونسكو ومع المنظمات الدولية المتخصصة في هذا المجال، وهناك توصية بمحاولة فتح مكتب مختص، وهذا سنعرضه على وزراء الداخلية العرب المقبل الذي له صلاحية استرداد القطع المنهوبة بالتنسيق مع الإنتربول الذي يمكنه أيضًا إعلام المتاحف المتضررة. الجائزة الكبرى وتختم حياة حديثها كاشفة آخر المستجدات حول الجائزة الكبرى للتراث العربي في دورتها الأولى قائلة: هي جائزة وقع إحداثها لتشجيع كافة الباحثين وحثهم على الإنجاز في العمل التراثي والعناية به، تركنا الجائزة مفتوحة لجميع المجالات أفرادًا وجماعات، للمؤسسات، للجامعات، كل من قام بعمل لا يتجاوز 5 سنوات على أن يتم تقييمه من قبل لجنة تحكيم مكونة من سبع خبراء متنوعين عرب وغير عرب ذوي اختصاصات متعددة مثل التراث المادي والتراث غير المادي والهندسة المعمارية، هم من قاموا بتقنين جميع الأعمال التي وصلتنا، وتقريبًا تعدينا 45 ملفًا مشاركًا في المسابقة العربية، ولكن مع الأسف هناك دولاً أرسلت مشاركتها بعد التاريخ المحدد، وسنصرح بالنتائج قريبًا إن شاء الله.